الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ روى ابن ماجه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلَاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي مَالَاً وَوَلَدَاً، وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي.
فَقَالَ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ».
قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: اللَّامُ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ، فَإِنَّ مَالَ الْوَلَدِ لَهُ، وَزَكَاتَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهُ.
وروى الطَّبَرَانِيُّ في المُعْجَمِ الصَّغِيرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي أَخَذَ مَالِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ: «اذْهَبْ فَأْتِنِي بِأَبِيكَ».
فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: إِذَا جَاءَكَ الشَّيْخُ، فَسَلْهُ عَنْ شَيْءٍ قَالَهُ فِي نَفْسِهِ مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ».
فَلَمَّا جَاءَ الشَّيْخُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ ابْنِكَ يَشْكُوكَ، أَتُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَ مَالَهُ؟».
فَقَالَ: سَلْهُ يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ أَنْفَقْتُهُ إِلَّا عَلَى عَمَّاتِهِ أَوْ خَالَاتِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِي؟
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِيهِ، دَعْنَا مِنْ هَذَا أَخْبِرْنَا عَنْ شَيْءٍ قُلْتَهُ فِي نَفْسِكَ مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاكَ».
فَقَالَ الشَّيْخُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا يَزَالُ اللهُ يَزِيدُنَا بِكَ يَقِينَاً، لَقَدْ قُلْتُ فِي نَفْسِي شَيْئَاً مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ.
فَقَالَ: «قُلْ، وَأَنَا أَسْمَعُ».
قَالَ: قُلْتُ:
غَـذَوْتُـكَ مَـوْلُودَاً وَمُنْتُكَ يَافِعَاً *** تُـعَلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ
إِذَا لَيْلَةٌ ضَافَـتْـكَ بِالسُّقْمِ لَمْ أَبِتْ *** لِـــسُقْمِكَ إِلَّا سَاهِرَاً أَتَمَلْمَلُ
كَأَنِّي أَنَا الْمْـطَـرُوقُ دُونَكَ بِالَّذِي *** طُـرِقْتَ بِهِ دُونِي فَعَيْنَايَ تَهْمُلُ
تَخَافُ الـرَّدَى نَفْسِي عَلَيْكَ وَإِنَّهَا *** لَتَعْـلَـمُ أَنَّ المَوْتَ وَقْتٌ مُؤَجَّلُ
فَلَمَّا بَـلَـغْـتَ السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي *** إِلَيْهَا مَـدَى مَا فِيكَ كُنْتُ أُؤَمِّلُ
جَعَلْتَ جَـزَائِـي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً *** كَأَنَّكَ أَنْتَ المُنْـعِـمُ المُتَـفَـضِّـلُ
فَـلَـيْـتَكَ إِذْ لَمْ تَـرْعَ حَـقَّ أُبُـوَّتِي *** فَعَلْتَ كَمَا الْجَارُ المُجَاوِرُ يَفْعَــلُ
تَـرَاهُ مُـعَـدَّاً لِلْـخِـلَافِ كَـــأَنَّهُ *** بِرَدٍّ عَلَى أَهْلِ الصَّوَابِ مُوَكَّــلُ
قَالَ: فَحِينَئِذٍ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِتَلَابِيبِ ابْنِهِ، وَقَالَ: «أَنْتَ وَمَالُكُ لِأَبِيكَ» وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
وبناء على ذلك:
فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ وَمَالُكُ لِأَبِيكَ». هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ وَأَمَّا سَبَبُ وُرُودِهِ كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ. هذا، والله تعالى أعلم.