الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ».
قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ المَضْمَضَةَ؛ قَالَ وَكِيعٌ: انْتِقَاصُ المَاءِ: يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ.
وروى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الاخْتِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ».
وَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَتْفَ شَعْرِ الإِبِطِ سُنَّةٌ؛ وَلَكِنْ قَالُوا لَا حَرَجَ مِنْ إِزَالَةِ شَعْرِ الإِبِطِ بِالحَلْقِ أَو بِأَيِّ وَسِيلَةٍ كَانَتْ، لِأَنَّ الغَايَةَ هِيَ إِزَالَةُ شَعْرِ الإِبِطِ، وَلَكِنَّ النَّتْفَ أَفْضَلُ إِذَا تَمَكَّنَ الإِنْسَانُ مِنْهُ.
وَرُبَّمَا أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّاحِيَةِ الصِّحِّيَّةِ النَّتْفُ أَوْلَى مِنَ الحَلْقِ، وَذَلِكَ الْتِزَامَاً لِحَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وبناء على ذلك:
فَالنَّتْفُ أَوْلَى مِنَ الحَلْقِ، وَلَكِنْ مَنْ أَزَالَ شَعْرَ الإِبِطِ بِالحَلْقِ فَقَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.