الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيُشْتَرَطُ في السَّفَرِ المُرَخَّصِ في الفِطْرِ مَا يَلِي:
أولاً: أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ طَوِيلَاً مِمَّا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، أَيْ مَا يَزِيدُ عَلَى /81/ كم.
ثانياً: أَنْ لَا يَعْزِمَ المُسَافِرُ الإِقَامَةَ في البَلَدِ التي يُسَافِرُ إِلَيْهَا.
ثالثاً: أَنْ لَا يَكُونَ سَفَرُهُ في مَعْصِيَةٍ بَلْ في غَرَضٍ صَحِيحٍ.
أَمَّا وَقْتُ جَوَازِ الفِطْرِ للمُسَافِرِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
الأولى: أَنْ يَبْدَأَ السَّفَرُ قَبْلَ الفَجْرِ، أَو يَطْلُعَ عَلَيْهِ الفَجْرُ وَهُوَ مُسَافِرٌ وَيَنْوِيَ الفِطْرَ، فَهَذَا يَجُوزُ لَهُ الفِطْرُ إِجْمَاعَاً.
الثانية: أَنْ يَبْدَأَ السَّفَرُ بَعْدَ الفَجْرِ، بِأَنْ يَطْلُعَ الفَجْرُ وَهُوَ مُقِيمٌ بِبَلَدِهِ، ثُمَّ يُسَافِرُ بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، أَو خِلَالَ النَّهَارِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَـُه الفِطْرُ بَعْدَمَا أَصْبَحَ صَائِمَاً، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُ ذَلِكَ اليَوْمِ.
وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِنْ أَفْطَرَ في سَفَرِهِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الفِطْرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَلَيْهِ القَضَاءُ دُونَ الكَفَّارَةِ إِنْ أَفْطَرَ.
الثالثة: أَنْ يُفْطِرَ قَبْلَ مُغَادَرَةِ بَلَدِهِ، مَنَعَ ذَلِكَ الجُمْهُورُ، لِأَنَّهُ مُقِيمٌ لَمْ يَشْرَعْ في السَّفَرِ، وَشَاهِدٌ لِرَمَضَانَ، وَقَد قَالَ تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.
فَلَا يَكُونُ مُسَافِرَاً إِلَّا بِخُرُوجِهِ مِنَ البَلَدِ، لِذَلِكَ لَهُ أَحْكَامُ المُقِيمِينَ الحَاضِرِينَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ.
فَإِنْ أَفْطَرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ في السَّفَرِ، ثُمَّ سَافَرَ، اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في وُجُوبِ الكَفَّارَةِ، وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. هذا، والله تعالى أعلم([1]).
ارسل إلى صديق |