الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟
قَالَ: «فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ».
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟
قَالَ: «قَاتِلْهُ».
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟
قَالَ: «فَأَنْتَ شَهِيدٌ».
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟
قَالَ: «هُوَ فِي النَّارِ».
وروى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ».
وروى الإمام أحمد عَنْ قَابُوسَ بْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلَاً أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَسْرِقَنِي، أَوْ يَأْخُذَ مِنِّي مَالِي، مَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟
قَالَ: «تُعْظِمُ عَلَيْهِ بِاللهِ».
قَالَ: فَإِنْ فَعَلْتُ فَلَمْ يَنْتَهِ؟
قَالَ: «تَسْتَعْدِي السُّلْطَانَ».
قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِي مِنْهُمْ أَحَدٌ؟
قَالَ: «تُجَاهِدُهُ أَوْ تُقَاتِلُهُ حَتَّى تُكْتَبَ فِي شُهَدَاءِ الْآخِرَةِ أَوْ تَمْنَعَ مَالَكَ».
وبناء على ذلك:
فَإِذَا ثَبَتَ بِالأَدِلَّةِ القَاطِعَةِ التي لَا شَكَّ فِيهَا بِأَنَّهُ قَتَلَهُ دِفَاعَاً عَنْ نَفْسِهِ أَو مَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إِلَّا ذَلِكَ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَا دِيَةَ، وَلَا كَفَّارَةَ.
لِأَنَّهُ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى المُسْلِمِ أَن يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَأَهْلِهِ كُلَّ مَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ بِالأَسْهَلِ أَوَّلَاً، كَأَنْ يُذَكِّرَهُ بِاللهِ تعالى، أَو أَن يَسْتَعِينَ عَلَيْهِ بِالجِوَارِ، أَو بِالسُّلْطَانِ، فَإِنْ عَجِزَ عَنْ ذَلِكَ، فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقْتُلَ المُعْتَدِيَ. هذا، والله تعالى أعلم.