يمنعها من صلة أرحامها بسبب التركة

9195 - يمنعها من صلة أرحامها بسبب التركة

06-10-2018 578 مشاهدة
 السؤال :
هل من حق الرجل أن يمنع زوجته من صلة أرحامها، لأنهم منعوها من حقها في الميراث؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9195
 2018-10-06

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ مِنَ الكَبَائِرِ العَظِيمَةِ، وَمَا جَاءَ هَذَا الـتَّشْرِيعُ العَظِيمُ إلَّا مِنْ أَجْلِ التَّآلُفِ وَالتَّحَابُبِ وَخَاصَّةً بَيْنَ الأَرْحَامِ، وَالْتِزَامِ الفَرَائِضِ وَالوَاجِبَاتِ، وَتَصْحِيحِ الصِّلَةِ بَيْنَ العَبْدِ وَرَبِّهِ، وَتَصْحِيحِ العَلَاقَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الآخَرِينَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» رواه الإمام أحمد والحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَمِنْ تَمَامِ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ وَصَالِحِهَا صِلَةُ الأَرْحَامِ، قَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾.

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكِ لَكِ».

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾.

ثانياً: لَيْسَ للزَّوْجِ أَنْ يَتَدَخَّلَ في شُؤُونِ زَوْجَتِهِ المَالِيَّةِ، إِلَّا إِذَا تَعَدَّتْ حُدُودَ اللهِ تعالى، فَإِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ مُتَسَامِحَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَهْلِهَا في التَّرِكَةِ فَمَا عَلَاقَةُ الزَّوْجِ في ذَلِكَ؟

وبناء على ذلك:

فَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ مِنْ صِلَةِ أَرْحَامِهَا مِنْ أَجْلِ حُطَامِ الدُّنْيَا الزَّائِلِ، مِمَّا لَا يُغْنِي عِنْدَ اللهِ شَيْئَاً يَوْمَ القِيَامَةِ، لِأَنَّهُ مَنْ مَنْعَ زَوْجَتَهُ مِنْ صِلَةِ أَرْحَامِهَا يَكُونُ سَبَبَاً لِنَزْغِ الشَّيْطَانِ، وَإِيقَاعِ العَدَاوَةِ وَالبَغْضَاءِ بَيْنَ الأَرْحَامِ، وَهَذِهِ مِنَ الكَبَائِرِ التي حَذَّرَ مِنْهَا شَرْعُنَا الحَنِيفُ.

وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الشَّرِيعَةَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَلَو كَانَتْ هُنَاكَ أَسْبَابٌ مُعْتَبَرَةٌ للقَطِيعَةِ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَجُلَاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ.

فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ».

فَيَا أَيُّهَا الزَّوْجُ، هَلْ هَذِهِ الأَخْلَاقُ التي أَنْتَ عَلَيْهَا مِنَ الإِسْلَامِ في شَيْءٍ، أَمَا تَزَوَّجْتَ عَلَى الدِّينِ وَالخُلُقِ؟ فَهَلْ دِينُكَ وَأَخْلَاقُكَ يَأْمُرَانِكَ بِأَنْ تَأْمُرَ بِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ مِنْ أَجْلِ حُطَامِ الدُّنْيَا؟ رَحِمَ اللهُ عَبْدَاً عَرَفَ حَدَّهُ فَوَقَفَ عِنْدَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
578 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  بر الوالدين وصلة الأرحام

 السؤال :
 2022-12-25
 539
رَجُلٌ أُصِيبَ وَالِدُهُ بِمَرَضِ الإِيدز، وَهُوَ خَائِفٌ عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ، فَمَاذَا يَصْنَعُ مَعَ وَالِدِهِ؟
 السؤال :
 2020-07-16
 2711
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَصِلَ خَالَتَهُ، وَأَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا، وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهَا؟
 السؤال :
 2020-07-02
 459
مَا حُكْمُ مُنَادَةِ الوَالِدِ: يَا حَاج، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ للأُمِّ؟
 السؤال :
 2019-05-23
 4615
هل هناك علاقة بين وصل الرحم والرزق؟
 السؤال :
 2019-03-22
 20858
ما هو الواجب عليَّ وعلى إخوتي وأخواتي تجاه زوجة أبي؟ وهل هي من الأرحام التي يجب صلتها؟
 السؤال :
 2018-10-06
 2231
زوجتي صاحبة دين وخلق، وأنا وإياها في حالة تفاهم ووفاق، ولكن والديَّ يطلبان مني أن أطلقها، وأنا لا أرغب، وإذا لم أطلق سيطردانني إن دخلت بيتهما، فهل أعتبر قاطعاً للرحم إذا لم أطلق، ومنعاني من وصلهما؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5629
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4861
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 418295500
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :