الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالقَاتُ هُوَ نَبَاتٌ مِنَ الفَصِيلَةِ السَّلْسَتْرِيَّةِ، يُزْرَعُ لِأَوْرَاقِهِ الَّتِي تُمْضَغُ خَضْرَاءَ، قَلِيلُهُ مُنَبِّهٌ، وَكَثِيرُهُ مُخَدِّرٌ، مَنْبَتُهُ الْحَبَشَةُ، وَيُزْرَعُ بِكَثْرَةٍ فِي اليَمَنِ، وَيُسَمَّى شَايَ العَرَبِ.
فَهُوَ مِنَ المُخَدِّرَاتِ، وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى حُرْمَةِ تَنَاوُلِهِ، لِأَنَّ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ، روى أبو داود عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالقَاتُ أَكْلُهُ أَو مَضْغُهُ حَرَامٌ، وَإِنْ زَعَمَ أَهْلُ اليَمَنِ أَنَّهُ لَا يُخَدِّرُ، وَإِنَّمَا هُوَ مُنَشِّطٌ وَمُفْتِقٌ للذَّاكِرَةِ، فَهَذَا مُجَرَّدُ وَهْمٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ العِبْرَةَ بِالنَّتَائِجِ.
وَقَدْ أَثْبَتَ الأَطِبَّاءَ أَنَّهُ مُخَدِّرٌ وَضَارٌّ، وَمِنْ أَضْرَارِهِ أَنَّ مُتَعَاطِيَهُ يَتَعَاطَاهُ مِنْ مُنْتَصَفِ النَّهَارِ إلى مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ.
يَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنِّي رَأَيْتُ مِنْ أَكْلِهَا الضَّرَرَ في بَدَنِي وَدِينِي، فَتَرَكْتُ أَكْلَهَا، فَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ: أَنَّ المُضِرَّاتِ مِنْ أَشْهَرِ المُحَرَّمَاتِ، فَمِنْ ضَرَرِهَا أَنَّ آكِلَهَا يَرْتَاحُ وَيَطْرَبُ وَتَطِيبُ نَفْسُهُ وَيَذْهَبُ حُزْنُهُ، ثُمَّ يَعْتَرِيهِ بَعْدَ سَاعَتَيْنِ مِنْ أَكْلِهِ هُمُومٌ مُتَرَاكِمَةٌ وَغُمُومٌ مُتَزَاحِمَةٌ وَسُوءُ أَخْلَاقٍ. هذا، والله تعالى أعلم.