الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ ـ الحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالمَالِكِيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ ـ إلى أَنَّ وَصْلَ الشَّعْرِ بِشَعْرِ آدَمِيٍّ حَرَامٌ، سَوَاءٌ كَانَ شَعْرَ امْرَأَةٍ، أَو شَعْرَ رَجُلٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَحْرَمَاً أَو زَوْجَاً أَو غَيْرَهُمَا.
روى الإمام البخاري عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي ابْنَةً عُرَيِّسَاً أَصَابَتْهَا حَصْبَةٌ، فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا، أَفَأَصِلُهُ؟ فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ».
وفي رِوَايَةٍ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: سَأَلَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الحَصْبَةُ، فَامَّرَقَ شَعَرُهَا، وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا، أَفَأَصِلُ فِيهِ؟
فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمَوْصُولَةَ».
وروى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ».
ثانياً: أَمَّا وَصْلُ الشَّعْرِ بِشَعْرِ غَيْرِ آدَمِيٍّ، فَإِنْ كَانَ شَعْرَ مَيْتَةٍ، أَو شَعْرَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَلَا يَجُوزُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ طَاهِرَاً فَيَجُوزُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ.
ثالثاً: وَأَمَّا وَصْلُهُ بِالشَّعْرِ الاصْطِنَاعِيِّ فَجَائِزٌ شَرْعَاً، بِحَيْثُ يَعْرِفُهُ النَّاظِرُ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ شَعْرٌ اصْطِنَاعِيٌّ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَوَصْلُ شَعْرِ المَرْأَةِ بِشَعْرٍ لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ الطَّبِيعِيَّ، وَيَبْدُو للنَّاظِرِ مِنْ بَعِيدٍ أَنَّهُ اصْطِنَاعِيٌّ، لَا حَرَجَ فِيهِ لِأَنَّهُ للزِّينَةِ، وَلَيْسَ للتَّزْوِيرِ. هذا، والله تعالى أعلم.