الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ عِدَّةَ المَرْأَةِ التي تَحِيضُ وَتَطْهُرُ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، فَتَعْتَدُّ بالقُرُوءِ وَإِنْ تَبَاعَدَ حَيْضُهَا وَطَالَ طُهْرُهَا، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾.
وَاخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في مَعْنَى القُرْءِ: فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالمَالِكِيَّةُ وَفي رِوَايَةٍ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ إلى أَنَّ عِدَّةَ المُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ.
فَلَو طُلِّقَتِ المَرْأَةُ حَالَ طُهْرِهَا، وَبَقِيَ في زَمَنِ طُهْرِهَا شَيْءٌ وَلَو لَحْظَةٌ حُسِبَتْ قُرْءَاً، وَتَـنْقَضِي عِدَّتُهَا في هَذِهِ الحَالَةِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
وَإِنْ طُلِّقَتْ حَائِضَاً، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ مِنَ الحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَعِدَّةُ المَرْأَةِ المُطَلَّقَةِ وَهِيَ طَاهِرٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ، وَيُعْتَبَرُ طُهْرُهَا هَذَا هُوَ الأَوَّلَ، وَتَنْتَهِي عِدَّتُهَا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.