كلمة شهر ذي الحجة 1445
214ـ أفضل الأشهر
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذِهِ أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ قَدْ أَقْبَلَتْ، فَاسْمَعُوا إلى هَدْيِ حَبِيبِكُمُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ القَدْرِ».
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ.
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟».
قَالُوا: وَلَا الجِهَادُ؟
قَالَ: «وَلَا الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ».
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ».
شَهْرُ ذِي الحِجَّةِ أَفْضَلُ الأَشْهُرِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: شَهْرُ ذِي الحِجَّةِ أَفْضَلُ الأَشْهُرِ الحُرُمِ، فَلْنَحْذَرِ المَعَاصِيَ الظَّاهِرَةَ وَالبَاطِنَةَ، فَإِنَّهَا تَحْرِمُ المَغْفِرَةَ في مَوَاسِمِ الرَّحْمَةِ، فَإِخْوَانُكُمْ مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ عَقَدُوا الإِحْرَامَ، وَقَصَدُوا الَبَيْتَ الحَرَامَ، وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّعْظِيمِ للهِ جَلَّ وَعَلَا، لَقَدْ سَارُوا إلى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، وَبَعْضُ إِخْوَانِهِمْ قَدْ أَقْعَدَهُمُ العُذْرُ، فَإِنْ كَانَ لَنَا مَعَهُمْ نَصِيبٌ سَعِدْنَا.
يَا سَائِرينَ إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَـقَدْ *** سِرْتُمْ جُسومًا وَسِرْنا نَحْنُ أَرْواحَا
إِنَّـــا أَقَمْنَا عَلَى عُـذْرٍ وَعَنْ قَدَرٍ *** وَمَـنْ أَقَـامَ عَــلَى عُــذْرٍ فَقَدْ رَاحَا
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الغَنِيمَةُ الحَقَّةُ تَكُونُ بِانْتِهَازِ الفُرْصَةِ في هَذِهِ الأَيَّامِ العَظِيمَةِ، فَمَا مِنْهَا عِوَضٌ، فَالسَّعِيدُ مَنْ بَادَرَ العَمَلَ الصَّالِحَ فِيهَا، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ».
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ».
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قُولُوا لِمَنْ سَارَتْ بِالمَعَاصِي أَخْبَارُهُ، وَلِمَنْ قَبَّحَتْ سَرِيرَتَهُ وَعَلَانِيَتَهُ، وَلِمَنْ كَانَ فَقِيرًا
مِنَ الهُدَى وَالهِدَايَةِ، هَلْ تُؤْثِرُ الخُسْرَانَ عَلَى الرِّبْحِ؟ مَا أَنْتَ قَائِلٌ إِذَا حَضَرَ أَجَلُكَ؟
أَيَّتُهَا النَّفْسُ اسْمَعِي لِقِيلِي *** أَنْــتِ مِنَ الْحَيَاةِ فِي أَصِيلِ
وَفِي غُــرُورِ أَمَلٍ طَـوِيـلٍ *** فَلَا يَغُرَّنَّكِ ضُحَى التَّأْمِيلِ
فَقَدْ دَنَتْ شَمْسُكَ لِلأُفُولِ
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذِهِ أَيَّامُ المَطَايَا لِمَنْ أَرَادَ العُدَّةَ قَبْلَ حُلُولِ المَنَايَا، فَهَلْ شَمَّرْنَا عَنْ سَاعِدِ الجِدِّ لَعَلَّنَا نَكُونُ مِنَ الفَائِزِينَ؟
إِنَّ بَلِيَّةَ الهَوَى أَشَدُّ البَلَايَا وَخَطِيئَةَ الإِصْرَارِ أَعْظَمُ مِنَ الخَطَايَا، فَلْنَذْكُرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى لِي وَلَكُمُ العَمَلَ الصَّالِحَ المَبْرُورَ وَالمَقْبُولَ عِنْدَ اللهِ تعالى، مَعَ حُسْنِ الخَاتِمَةِ. آمين.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الجمعة: 1/ ذو الحجة /1445هـ، الموافق: 7/حزيران / 2024م
هَا نَحْنُ في شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، شَهْرِ المَوْلِدِ الشَّرِيفِ، حَيْثُ يَحْتَفِلُ المُسْلِمُونَ في بُيُوتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفي بُيُوتِهِمْ، وَيَجْمَعُونَ النَّاسَ عَلَى الإِنْشَادِ وَالمَدِيحِ، وَتَوْزِيعِ الحَلْوَى، وَجَعْلِ المَوَائِدِ؛ ... المزيد
مَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا فَلَنْ يَحْزَنَ، خُلِقَتِ الدُّنْيَا وَنَعِيمُهَا مَمْزُوجٌ بِالأَكْدَارِ، فَكَيْفَ بِأَكْدَارِهَا؟! قَالَ تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ ... المزيد
الرِّفْقُ وَاللِّينُ مَا وُجِدَا في شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَمَا فُقِدَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ، فَاللِّينُ في الكَلَامِ وَالْتِزَامُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾. وَقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا ... المزيد
إِنَّ حَيَاةَ الإِنْسَانِ مَحْدُودَةُ الآجَالِ، وَأَيَّامَهُ وَلَيَالِيَهُ تَمْضِي سَرِيعَةً إلى الزَّوَالِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَنْتَقِلُ مِنْ حَالٍ إلى حَالٍ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا ... المزيد
هَا هُوَ يَوْمُ العِيدِ قَدْ جَاءَ بَعْدَ طَاعَةٍ عَظِيمَةٍ، بَعْدَ رُكْنٍ عَظِيمٍ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، كَيْفَ لَا يَأْتِي يَوْمُ عِيدٍ بَعْدَ انْتِهَاءِ شَهْرٍ عَظِيمٍ مُبَارَكٍ أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ، الذي هُوَ سِرُّ سَعَادَتِنَا؟ ... المزيد
شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ شَهْرُ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ... المزيد