159- خطبة الجمعة: صاحب الذكرى    صاحب ودٍّ فهل الودُّ موجود فينا؟

159- خطبة الجمعة: صاحب الذكرى    صاحب ودٍّ فهل الودُّ موجود فينا؟

 

خلاصة الخطبة الماضية:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا عباد الله: فقد ذكرنا في الخطبة الماضية بأن الاحتفال بالمولد أمر مباح من شاء فعله ومن شاء تركه، ولا يجوز لمسلم أن ينكر على فاعله كما لا يجوز له أن ينكر على تاركه، وعرفنا بأنه ليس من البدع المحرمة كما يزعم البعض، لأنه لا أحد يقول بفرضيته ولا بوجوبه ولا بسنيَّته.

كما عرفنا بأن مفردات المولد مطلوبة منا شرعاً، وبأن الاحتفال الحقيقي بالمولد إنما هو الاقتداء والاتباع لصاحب الذكرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

لكلِّ حق حقيقة:

يا عباد الله: إن محبَّة النبي صلى الله عليه وسلم يجب علينا أن نجسِّدها تجسيداً عملياً، لا أن يكون حبنا للنبي صلى الله عليه وسلم مجرد دعوى بدون برهان، لأنه لكلِّ حقٍّ حقيقة، وحقيقة المحبة هي الاتباع في الأقوال والأفعال والأحوال، أما من قَصَرَ المحبة على المظاهر فقط دون السلوك فهذا مدَّعي المحبة.

أيها الإخوة: من ادَّعى ما ليس فيه كشفته شواهد الامتحان، المنافقون فُضِحوا عند الأمر والنهي، هم ادعوا أنهم آمنوا كما قال تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون}. فالأمر والنهي فضحهم، كما قال تعالى: {فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}.

المنافق كلامه سهل منمَّق وحلو، كما قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون}. ولكنَّ مشكلته في العمل، المنافق يقول ولا يعمل؛ لأن باطنه خلافُ ظاهره، أما المؤمن فظاهره وباطنه واحد، المؤمن إذا قال قولاً جاء فعله مطابقاً لقوله.

صورة من صور الحب الصادقة:

أيها الإخوة الكرام: المحبُّ متَّبع، المحبُّ يصون سمعة محبوبه، المحبُّ يفدي محبوبه بكلِّ شيء، المحبُّ لا يكون سبباً في الطعن في محبوبه، المحبُّ يلفت أنظار الآخرين إلى صدق محبته حتى يشهدوا له، وانظروا إلى صورة من صور الحب الصادقة من أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، سيدُنا زَيْدُ بْنُ الدّثِنّة عندما ابْتَاعَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَبَعَثَ بِهِ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ مَعَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ: (نِسْطَاسُ) إلَى التّنْعِيمِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ. وَاجْتَمَعَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ قَدِمَ لِيُقْتَلَ: أَنْشُدُك اللّهَ يَا زَيْدُ أَتُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا عِنْدَنَا الآنَ فِي مَكَانِك نَضْرِبُ عُنُقَهُ وَأَنّك فِي أَهْلِك؟ قَالَ: وَاَللّهِ مَا أُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا الآنَ فِي مَكَانِهِ الّذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تُؤْذِيهِ، وَأَنّي جَالِسٌ فِي أَهْلِي. قَالَ: يَقولُ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْت مِنْ النّاسِ أَحَدًا يُحِبّ أَحَدًا كَحُبّ أَصْحَابِ مُحَمّدٍ مُحَمّدًا. ثُمّ قَتَلَهُ نِسْطَاسُ يَرْحَمُهُ اللّهُ.

ثناء الله تعالى على الصحابة رضي الله عنهم في ذلك:

يا عباد الله: انظروا في أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المحبين الصادقين في محبتهم كيف انصهرت شخصياتهم في شخصه الشريف صلى الله عليه وسلم، حتى شهد الله عز وجل لهم في ذلك، قال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.

وَصْفُ المحب والمحبوب صار واحداً، {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}. هذا هو الحبُّ الحقيقي انصهارٌ في المحبوب حتى صار وَصْفُ المحب كالمحبوب من حيث الاتباع والاقتداء لا من حيث الرتبة والارتفاع.

لا تناقض بين المحبِّ والمحبوب، إن نظرت إلى المحبِّ كأنك ترى المحبوب من خلال سلوك المحبِّ.

أدعياء المحبة كثيرون:

أيها الإخوة الكرام: أدعياء المحبة كثيرون، أدعياء المحبة يقولون ما لا يفعلون، أدعياء المحبة إذا جاءهم أمر من الله تعالى جعلوه خلف أظهرهم، إذا جاءهم أمر من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلوه خلف أظهرهم، أدعياء المحبة تناقضت أقوالهم مع أفعالهم، هؤلاء يسيئون لمحبوبهم، ويكونون سبباً في الطعن في محبوبهم، (كل رجل من المسلمين على ثغر من ثغر الإسلام، الله الله أن يؤتى الإسلام من قبلك) أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب السنة.

إن حضرة الحبيب الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يريد من أتباعه أن يكونوا حَمَلة رسالة، يريد من أتباعه أن يبلِّغوا رسالة الله تعالى للخلق جميعاً من حيث السلوك والعمل، لا من حيث القول المناقض للأفعال، وهذه سنَّة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، فهذا سيدنا زكريا عليه السلام يدعوا ربه عز وجل بقوله: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}. وهل يكون رضيَّاً إذا تناقضت أقواله مع أفعاله؟ المرضي عند الله تعالى هو صادق الأقوال والأعمال.

فيا أهل المولد يا أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم جسِّدوا سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم فيكم تجسيداً عملياً، شُدُّوا الأنظار إليكم من حيث السلوك لا من حيث الكلام، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين}.

صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم صاحب وُدٍّ:

أحباب الحبيب صلى الله عليه وسلم: إن صاحبَ المولد صاحبَ الذكرى هو صاحب وُدٍّ، فهل الوُدُّ موجودٌ فينا؟ هل الوُدُّ موجود في الأسرة الواحدة؟ هل الوُدُّ موجودٌ بين الزوجين؟ هل الوُدُّ موجودٌ بين أهل البلدة؟

انظروا إلى وُدِّ الحبيب صلى الله عليه وسلم لزوجته السيدة خديجة رضي الله عنها لا في حال حياتها بل بعد انتقالها إلى الرفيق الأعلى. عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ، قَالَت: فَغِرْتُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِين قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا؟ قَالَ: مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلاَدَ النِّساء) رواه البخاري ومسلم وأحمد واللفظ له. حفظ لها المعروف وحفظ لها إحسانها، وهذا شان أصحاب الوُدِّ.

أين وُدُّك لزوجتك؟ هل نسيت معروفها وإحسانها؟ هل نسيت أنها أعفَّتك عن الحرام؟ هل نسيت أنها أمٌّ لأبنائك؟ هل نسيت أنها غاسلة لثيابك وطابخة لطعامك؟ هل نسيت أنها حفظتك في نفسها ومالك؟

احفظ وُدَّ زوجتك وإن قصَّرت، لأن قول الحبيب الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (أَلا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ) رواه أبو داود وابن ماجه. لا يعني أنها صارت معصومة عن الخطأ، تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) رواه ابن ماجه.

وما يدريك يا عمر لعلَّ الله قد اطلع على أهل بدر:

أيها الإخوة: إن الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم علَّمنا كيف يكون حفظ الوداد، علَّمنا بأن السيئة لا تمحو الحسنات، علَّمنا بأن الحسنات تمحو السيئات، علَّمنا أن لا ننسى إحسان الآخرين إلينا. واسمعوا أيها الإخوة إلى هذا الموقف عام فتح مكة.

أخرج الإمام البخاري ومسلم عن سيدنا علي رضي الله عنه قال: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ، قَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا، فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلا ارْتِدَادًا وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ صَدَقَكُمْ، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ).

تدبَّروا قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ). أهل بدر هم أهل النصرة والنجدة، هم أهل الصدق مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كانت هذه أول غزوة قام بها النبي صلى الله عليه وسلم، كان عددهم قليلاً أمام عدو عدده كبير، كانوا قلة ولكنهم قالوا قولاً أثلج صدر الحبيب صلى الله عليه وسلم: (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ}، وَلَكِنْ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ) رواه البخاري. حفظ لهم هذا الموقف، بل قل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ).

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

أيها الإخوة الكرام: في ذكرى مولد الحبيب صلى الله عليه وسلم تعلَّموا من صاحب الذكرى كيف يكون الوُدُّ؟ وكيف تحافظون على هذا الوُدِّ؟ تعلَّموا بأن السيئة لا تمحو الحسنات، بل الحسنة تمحو السيئات.

أيها الإخوة: نحن بأمسِّ الحاجة إلى التخلُّق بأخلاق صاحب الذكرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يريده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منا، اللهمَّ وفِّقنا لذلك برحمتك يا أرحم الراحمين.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، فيا فوز المستغفرين.

**     **     **

 

 2010-02-26
 6302
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 

التعليقات [ 2 ]

حسن
 2010-03-05

حقيقة المحبة هي الاتباع في الأقوال والأفعال والأحوال, أما من قَصَرَ المحبة على المظاهر فقط دون السلوك فهذا مدَّعي المحبة. فيا أهل المولد يا أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم جسِّدوا سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم فيكم تجسيداً عملياً, شُدُّوا الأنظار إليكم من حيث السلوك لا من حيث الكلام.
جزاك الله كل خير على التذكير الطيب وخاصة في وقتنا حيث أصبح ذكرى المولد مرتبط بالاحتفالات وترى كثيراً من الناس يحضرون هذه الاحتفالات وهم مخاصمون لأهلهم أو لا يعرفون المساجد إلا يوم الجمعة ووقت الاحتفالات. وجزاك الله خيراً على نظرتك العميقة في مناسبة المولد الشريف, و الذي أتمنى منك أيضاً تذكير العلماء بأن يذكروا الناس بالاتباع أكثر من ذكر حكم المولد والخلافات بين العلماء كما نلاحظ على بعض المنابر. ثبتني الله وإياك والمسلمين على طريق الحق وجعلك من المتواضعين والصالحين والمتبعين.

عبد الجواد الصباغ
 2010-03-03

المحبة مشاعر وأحاسيس، والمحب هو الذي يشعر بمحبوبه ويحسُّ به، فيا ليت شعري هل حقاً يمكن الوصول إلى هذه الدرجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

04-10-2024 1488 مشاهدة
929ـ خطبة الجمعة: الأدب مع الله قلبًا ولسانًا وأركانًا

إِنَّ أَعْلَى مَرَاتِبِ الأَدَبِ الأَدَبُ مَعَ اللهِ تعالى، بَلْ هُوَ أَصْلُ كُلِّ أَدَبٍ، وَالأَدَبُ مَعَ اللهِ تعالى هُوَ حُسْنُ الانْقِيَادِ لِأَوَامِرِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، مَعَ تَعْظِيمِهِ وَإِجْلَالِهِ وَالحَيَاءِ مِنْهُ تَبَارَكَ وتعالى. ... المزيد

 04-10-2024
 
 1488
27-09-2024 1075 مشاهدة
928ـ خطبة الجمعة: الآداب المطلوبة من كل مسلم

لَقَدْ جَاءَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِرِسَالَةٍ مِنْ عِنْدِ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا مِنْ تَكْرِيمِ اللهِ تعالى لِخَلْقِهِ، وَقَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نَتَأَدَّبُ مَعَ حَبِيبِهِ ... المزيد

 27-09-2024
 
 1075
20-09-2024 919 مشاهدة
927ـ خطبة الجمعة: الأدب معه صلى الله عليه وسلم

مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ العَظِيمَ بِتَدَبُّرٍ وَإِنْصَافٍ، فَإِنَّهُ يَجِدُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ يَدْعُو جَمِيعَ العُقَلَاءِ مِنْ بَنِي الإِنْسَانِ إلى الأَدَبِ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ... المزيد

 20-09-2024
 
 919
13-09-2024 1041 مشاهدة
926ـ خطبة الجمعة: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم (2)

العَارُ كُلُّ العَارِ أَنْ لَا يَعْرِفَ الإِنْسَانُ المُسْلِمُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ عَرَفَهُ حَقَّ المَعْرِفَةِ لَمْ يَرْتَبْ وَلَمْ يَشُكَّ في صِدْقِهِ وَفي صِدْقِ مَا جَاءَ ... المزيد

 13-09-2024
 
 1041
07-09-2024 1387 مشاهدة
925ـ خطبة الجمعة: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم (1)

لَقَدْ وَهَبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ البَشَرِيَّةَ حَيَاةَ سَعَادَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ، وَرُوحًا نَاضِرَةً، وَذَلِكَ بِظُهُورِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا ... المزيد

 07-09-2024
 
 1387
29-08-2024 1064 مشاهدة
924ـ خطبة الجمعة: فقد العلماء مصيبة كبرى

العُلَمَاءُ العَامِلُونَ الرَّبَّانِيُّونَ نُجُومٌ جَعَلَهُمُ اللهُ تعالى هِدَايَةً لِمَنْ أَرَادَ سَلَامَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، العُلَمَاءُ العَامِلُونَ هُمْ شُهَدَاءُ اللهِ المَرْضِيُّونَ، أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَعْظَمِ مَشْهُودٍ ... المزيد

 29-08-2024
 
 1064

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5629
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4861
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 418280610
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :