261-مع الحبيب المصطفى :عبادة الدعاء في حياة سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ   

261-مع الحبيب المصطفى :عبادة الدعاء في حياة سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ   

.

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

261ـ عبادة الدعاء في حياة سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنَ العِبَادَةِ التي خُلِقْنَا مِنْ أَجْلِهَا عِبَادَةُ الدُّعَاءِ، قَالَ تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾. أَيْ: صَاغِرِينَ؛ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ فِيهَا وَعْدٌ وَوَعِيدٌ، فَالوَعْدُ هُوَ إِجَابَةُ الدُّعَاءِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى قَالَ في آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾. فَاللهُ تعالى يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يَدْعُوهُ، وَيَلْجَؤُوا إِلَيْهِ، وَيُظْهِرُوا فَقْرَهُمْ وَاحْتِيَاجَهُمْ لَهُ، بَلْ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتعالى يَبْتَلِي عِبَادَهُ بِالبَلَايَا وَالرَّزَايَا حَتَّى يَتَضَّرَعُوا إِلَيْهِ وَيَدْعُوهُ سُبْحَانَهُ وَتعالى أَنْ يُفَرِّجَ عَنْهمْ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ وَتعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ﴾.

وَأَمَّا الوَعِيدُ فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾. فَهَذَا وَعِيدٌ بِالنَّارِ لِمَنِ اسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَةِ المَلِكِ الجَبَّارِ، وَعَنْ دُعَاءِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، لِأَنَّ هَذَا المُتَكبِّرَ اسْتَغْنَى بِالنِّعْمَةَ عَنِ المُنْعَمِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، وَقَدْ روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ».

وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

لَا تَـسْأَلَـنَّ بُـنَـيَّ آدَمَ حَاجَةً   ***   وَسَلِ الَّذِي أَبْوَابُهُ لَا تُحْجَبُ

اللهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤالَهُ   ***   وَبُنَيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ

فَالدُّعَاءُ تَكْلِيفٌ، وَهُوَ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ بِحَدِّ ذَاتِهَا، وَهُوَ غَايَةٌ وَلَيْسَ وَسِيلَةً، وَهَذَا مَا أَكَّدَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» رواه أبو داود والترمذي عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا. وَفِي رِوَايَةٍ: «الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَةِ» رواه الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

الدُّعَاءُ في الرَّخَاءِ قَبْلَ الشَّدَائِدِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَـمَّا كَانَ الدُّعَاءُ عِبَادَةً مَقْصُودَةً بِحَدِّ ذَاتِهَا، كَانَ مَطْلُوبَاً مِنَ العَبْدِ في الرَّخَاءِ قَبْلَ الشَّدَائِدِ، وَمَنْ سَأَلَ اللهَ تعالى في الرَّخَاءِ بِصِدْقٍ وَجِدٍّ فَحَاشَا لِرَبِّنَا أَنْ يَتَخَلَّى عَنْهُ في الشَّدَائِدِ.

وَلَكِنِ اعْتَبَرَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَسِيلَةً لَا غَايَةً، فَكَانُوا يَدْعُونَ في الشَّدَائِدِ دُونَ الرَّخَاءِ، وَمِنْ تَمَامِ فَضْلِ اللهِ تعالى أَنَّهُ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُدْوَةً لَنَا في كُلِّ شَيْءٍ، وَخَاصَّةً في العِبَادَةِ وَالتي مِنْ جُمْلَتِهَا الدُّعَاءُ، فَلَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو اللهَ تعالى في الرَّخَاءِ كَمَا يَدْعُوهُ في الشَّدَائِدِ، لِأَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ، وَعِبَادَةُ الدُّعَاءِ مَطْلُوبَةٌ مِنَ العَبْدِ في سَائِرِ أَحْوَالِهِ.

لَقَدْ حَقَّقَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ العُبُودِيَّةَ للهِ تعالى حَتَّى سَمَا بِهَا، فَكَانَ سَيِّدَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَلْنَنْظُرْ إلى عِبَادَةِ الدُّعَاءِ في حَيَاةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

دُعَاءُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في صَلَاتِهِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الدُّعَاءُ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ وَلَيْسَ وَسِيلَةً لِغَايَةٍ، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾. فَمَنِ اسْتَكْبَرَ عَنِ الدُّعَاءِ صَارَ كَالمُسْتَغْنِي عَنِ اللهِ تعالى وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، لِأَنَّهُ اسْتَغْنَى بِالنِّعْمَةِ عَنِ المُنْعِمِ، وَنَسِيَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ.

روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ، سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟

قَالَ «أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْـمَشْرِقِ وَالْـمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْـمَاءِ وَالْبَرَدِ».

وروى الإمام مسلم عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفَاً، وَمَا أَنَا مِنَ الْـمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْـمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْـمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعَاً، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ».

وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي».

وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ».

وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ».

ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْـمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْـمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ».

وروى الإمام مسلم عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ ظَهْرَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءُ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءُ الْأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ».

وروى الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي».

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْـمَحْيَا وَالْـمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْـمَسِيحِ الدَّجَّالِ».

دَعُاءُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ صَلَاتِهِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذَا الدُّعَاءُ الذي قَصَّرَتْ فِيهِ الأُمَّةُ أَيَّمَا تَقْصِيرٍ قَلَّمَا أَنْ تَجِدَ مَنْ يَدْعُو اللهَ تعالى وَيُطِيلُ في الدُّعَاءِ، لِأَنَّهُ مَا حَفِظَ الأَدْعِيَةَ التي وَرَدَتْ عَنْ سَيِّدِ العَابِدِينَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

لَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو في صَلَاتِهِ، وَيُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ، وَإِذَا انْتَهَى مِنْ صَلَاتِهِ يُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ وَيُطِيلُ في الدُّعَاءِ.

روى الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْلَةً حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي، وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي، وَتُصْلِحُ بِهَا غَائِبِي، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي، وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي، وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ.

اللَّهُمَّ أَعْطِنِي إِيمَانَاً وَيَقِينَاً لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ، وَرَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الفَوْزَ فِي الْقَضَاءِ، وَنُزُلَ الشُّهَدَاءِ، وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَالنَّصْرَ عَلَى الأَعْدَاءِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُنْزِلُ بِكَ حَاجَتِي، وَإِنْ قَصُرَ رَأْيِي وَضَعُفَ عَمَلِي، افْتَقَرْتُ إِلَى رَحْمَتِكَ، فَأَسْأَلُكَ يَا قَاضِيَ الأُمُورِ، وَيَا شَافِيَ الصُّدُورِ، كَمَا تُجِيرُ بَيْنَ البُحُورِ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ، وَمِنْ دَعْوَةِ الثُّبُورِ، وَمِنْ فِتْنَةِ القُبُورِ، اللَّهُمَّ مَا قَصُرَ عَنْهُ رَأْيِي، وَلَمْ تَبْلُغْهُ نِيَّتِي، وَلَمْ تَبْلُغْهُ مَسْأَلَتِي مِنْ خَيْرٍ وَعَدْتَهُ أَحَدَاً مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ خَيْرٍ أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَدَاً مِنْ عِبَادِكَ، فَإِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ، وَأَسْأَلُكَهُ بِرَحْمَتِكَ رَبَّ العَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ ذَا الحَبْلِ الشَّدِيدِ، وَالأَمْرِ الرَّشِيدِ، أَسْأَلُكَ الأَمْنَ يَوْمَ الوَعِيدِ، وَالجَنَّةَ يَوْمَ الخُلُودِ، مَعَ المُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ الرُّكَّعِ، السُّجُودِ المُوفِينَ بِالعُهُودِ، إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ، وإِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هَادِينَ مُهْتَدِينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، سِلْمَاً لِأَوْلِيَائِكَ، وَعَدُوَّاً لِأَعْدَائِكَ، نُحِبُّ بِحُبِّكَ مَنْ أَحَبَّكَ، وَنُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ، اللَّهُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الإِجَابَةُ، وَهَذَا الجُهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورَاً فِي قَلْبِي، وَنُورَاً فِي قَبْرِي، وَنُورَاً مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَنُورَاً مِنْ خَلْفِي، وَنُورَاً عَنْ يَمِينِي، وَنُورَاً عَنْ شِمَالِي، وَنُورَاً مِنْ فَوْقِي، وَنُورَاً مِنْ تَحْتِي، وَنُورَاً فِي سَمْعِي، وَنُورَاً فِي بَصَرِي، وَنُورَاً فِي شَعْرِي، وَنُورَاً فِي بَشَرِي، وَنُورَاً فِي لَحْمِي، وَنُورَاً فِي دَمِي، وَنُورَاً فِي عِظَامِي، اللَّهُمَّ أَعْظِمْ لِي نُورَاً، وَأَعْطِنِي نُورَاً، وَاجْعَلْ لِي نُورَاً، سُبْحَانَ الَّذِي تَعَطَّفَ العِزَّ وَقَالَ بِهِ.

سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ المَجْدَ وَتَكَرَّمَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ، سُبْحَانَ ذِي الفَضْلِ وَالنِّعَمِ، سُبْحَانَ ذِي المَجْدِ وَالكَرَمِ، سُبْحَانَ ذِي الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ».

وروى الإمام مسلم عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثَاً وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا أَهْلَكَ الأُمَّةَ الإِسْلَامِيَّةَ السِّلَاحُ المُدَمِّرُ الذي اخْتَرَعَهُ الشَّرْقُ وَالغَرْبُ، وَهُمُ الذينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ أَهْلُ الحَضَارَةِ وَالتَّقَدُّمِ، وَخَدَعُوا المُسْلِمِينَ بِذَلِكَ، فَصَدَّقَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ ذَلِكَ، وَجَعَلُوا الإِسْلَامَ وَرَاءَهُمْ ظِهْرِيَّاً، حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْهمُ الشَّرْقُ وَالغَرْبُ، فَأَشْعَلُوا فِيهِمْ نَارَ الفِتَنِ، وَحَرَّضُوهُمْ على بَعْضِهِمُ بَعْضَاً وَدَعَمَ بَعْضُهُمْ فَرِيقَاً، وَالآخَرُ فَرِيقَاً، وَهُمْ يَسْخَرُونَ مِنَ الجَمِيعِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا كَانَ أَعْدَاءُ هَذِهِ الأُمَّةِ تَحَكَّمُوا بِالسِّلَاحِ، فَإِنَّ اللهَ تعالى مَكَّنَ المُسْلِمِينَ مِنْ سِلَاحٍ لَا تَصْنَعُهُ مَصَانِعُ الشَّرْقِ أَوِ الغَرْبِ، إِنَّهُ أَقْوَى مِنْ كُلِّ سِلَاحٍ مَهْمَا بَلَغَتْ قُوَّتُهُ وَدِقَّتُهُ، وَالعَجِيبُ في هَذَا السِّلَاحِ أَنَّهُ عَزِيزٌ لَا يَمْلِكُهُ إلا صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ الذينَ تَحَقَّقُوا بِالعُبُودِيَّةِ للهِ تعالى، فَكَانَ مَطْعَمُهُمْ حَلَالَاً، وَمَشْرَبُهُمْ حَلَالَاً، وَمَلْبَسُهُمْ حَلَالَاً، وَمَرْكُوبُهُمْ حَلَالَاً، وَمَسْكَنُهُمْ حَلَالَاً، إِنَّهُ سِلَاحٌ رَبَّانِيٌّ، إِنَّهُ سِلَاحُ الأَنْبِيَاءِ وَالأَتْقِيَاءِ على مَمَرِّ العُصُورِ وَالدُّهُورِ.

سِلَاحٌ نَجَّى اللهُ تعالى بِهِ سَيِّدَنَا نُوحَاً عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَغْرَقَ قَوْمَهُ بِالطُّوفَانِ، وَنَجَّى اللهُ بِهِ سَيِّدَنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، فَأَهْلَكَهُمْ في اليَمِّ، وَنَجَّى اللهُ تعالى بِهِ سَيِّدَنَا صَالِحَاً عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَهْلَكَ ثَمُودَ بِالطَّاغِيَةِ، وَنَجَّى اللهُ تعالى بِهِ سَيِّدَنَا هُودَاً عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَهْلَكَ عَادَاً بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ، وَبِهِ أَعَزَّ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَيَا أَهْلَ هَذَا البَلَدِ، وَيَا أَهْلَ بِلَادِ الشَّامِ، عَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ على مَنْ سَفَكَ الدِّمَاءَ البَرِيئَةَ، وَسَلَبَ الأَمْوَالَ، وَيَتَّمَ الأَطْفَالَ، وَرَمَّلَ النِّسَاءَ، وَخَرَّبَ المُمْتَلَكَاتِ، وَكَانَ سَبَبَاً في تَدَاعِي الأُمَمِ عَلَيْنَا؛ عَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ بَعْدَ التَّحَقُّقِ بِالعُبُودِيَّةِ للهِ تعالى، وَبَعْدَ تَرْكِ الحَرَامِ بِكُلِّ صُوَرِهِ وَأَشْكَالِهِ، وَبَعْدَ الصَّبْرِ وَالتُّقَى، وَتَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئَاً إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾. أَيُّ كَيْدٍ؟ إِنَّهُ الكَيْدُ الذي قَالَ اللهُ تعالى فِيهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾.

يَا رَبُّ، أَهِّلْنَا للدُّعَاءِ، وَأَهِّلِ الأُمَّةَ كُلَّهَا للدُّعَاءِ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 3/ ذو الحجة /1437هـ، الموافق: 5/ أيلول / 2016م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2277 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2277
20-06-2019 1370 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1370
28-04-2019 1152 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1152
28-04-2019 1164 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1164
21-03-2019 1734 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1734
13-03-2019 1604 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1604

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412011886
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :