تلاوة القرآن الكريم للنفساء

368 - تلاوة القرآن الكريم للنفساء

09-06-2007 126 مشاهدة
 السؤال :
امْرَأَةٌ نُفَسَاءُ حَافِظَةٌ بَعْضَ أَجْزَاءٍ مِنَ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَهِيَ تُرِيدُ تَثْبِيتَ حِفْظِهَا، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ تَقْرَأَ القُرْآنَ دُونَ مَسِّهِ أَيَّامَ نِفَاسِهَا حَتَّى لَا يَتَفَلَّتَ القُرْآنُ مِنْهَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 368
 2007-06-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ إلى حُرْمَةِ قِرَاءَتِهَا لِلْقُرْآنِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقْرَأِ الحَائِضُ وَلَا الجُنُبُ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي: مَذْهَبُ الحَنَفِيَّةِ حُرْمَةُ قِرَاءَتِهَا لِلْقُرْآنِ وَلَو دُونَ آيَةٍ مِنَ المُرَكَّبَاتِ لَا المُفْرَدَاتِ، وَذَلِكَ إِذَا قَصَدَتِ القِرَاءَةَ، فَإِنْ لَمْ تَقْصِدِ القِرَاءَةَ بَلْ قَصَدَتِ الثَّنَاءَ أَو الذِّكْرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: فَلَوْ قَرَأَتِ الْفَاتِحَةَ عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ، أَوْ شَيْئًا مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ، وَلَمْ تُرِدِ القِرَاءَةَ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَصَرَّحُوا أَنَّ مَا لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الدُّعَاءِ كَسُورَةِ المَسَدِ، لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ نِيَّةُ الدُّعَاءِ فَيَحْرُمُ.

وَقَدْ أَجَازُوا لِلْمُعَلِّمَةِ الحَائِضِ تَعْلِيمَ القُرْآنِ كَلِمَةً كَلِمَةً، وَذَلِكَ بِأَنْ تَقْطَعَ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ، لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ بِالكَلِمَةِ قَارِئَةً.

كَمَا أَجَازُوا للحَائِضِ أَنْ تَتَهَجَّى بِالقُرْآنِ حَرْفًا حَرْفًا، أَوْ كَلِمَةً كَلِمَةً مَعَ القَطْعِ، مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَكَرِهُوا لَهَا قِرَاءَةَ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ مِنَ القُرْآنِ، وَلَا يُكْرَهُ لَهَا قِرَاءَةُ القُنُوتِ، وَلَا سَائِرُ الأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ حُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْحَائِضِ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ، كَحَرْفٍ لِلْإِخْلَال بِالتَّعْظِيمِ سَوَاءٌ أَقَصَدَتْ مَعَ ذَلِكَ غَيْرَهَا أَمْ لَا، وَصَرَّحُوا بِجَوَازِ إِجْرَاءِ الْقُرْآنِ عَلَى قَلْبِهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِ اللِّسَانِ، وَجَوَازِ النَّظَر فِي الْمُصْحَفِ، وَإِمْرَارِ مَا فِيهِ فِي الْقَلْبِ، وَكَذَا تَحْرِيكُ لِسَانِهَا وَهَمْسُهَا بِحَيْثُ لَا تُسْمِعُ نَفْسَهَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ؛ وَيَجُوزُ لَهَا قِرَاءَةُ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ.

وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا قِرَاءَةُ آيَةٍ فَصَاعِدًا، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا قِرَاءَةُ بَعْضِ آيَةٍ، لِأَنَّهُ لَا إِعْجَازَ فِيهِ، وَذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ طَوِيلَةً، كَمَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَكْرِيرُ بَعْضِ آيَةٍ مَا لَمْ تَتَحَيَّل عَلَى الْقِرَاءَةِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهَا.

وَلَهَا تَهْجِيَةُ آيِ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقِرَاءَةٍ لَهُ، وَلَهَا التَّفَكُّرُ فِيهِ وَتَحْرِيكُ شَفَتَيْهَا بِهِ مَا لَمْ تُبَيِّنِ الْحُرُوفَ، وَلَهَا قِرَاءَةُ أَبْعَاضِ آيَةٍ مُتَوَالِيَةٍ، أَوْ آيَاتٍ سَكَتَتْ بَيْنَهَا سُكُوتًا طَوِيلاً.

وَلَهَا قَوْل مَا وَافَقَ الْقُرْآنَ وَلَمْ تَقْصِدْهُ، كَالْبَسْمَلَةِ، وَقَوْل الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَآيَةِ الاسْتِرْجَاعِ ﴿إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ وَآيَةِ الرُّكُوبِ، وَلَهَا أَيْضًا أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهَا وَهِيَ سَاكِتَةٌ، لِأَنَّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تُنْسَبُ إِلَى الْقِرَاءَةِ، وَلَهَا أَنْ تَذْكُرَ اللهَ تَعَالَى، وَاخْتَارَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّهُ يُبَاحُ لِلْحَائِضِ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ إِذَا خَافَتْ نِسْيَانَهُ، بَل يَجِبُ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.

وَأَجَازَ المَالِكِيَّةُ تِلَاوَةَ القُرْآنِ الكَرِيمِ للحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ في حَالَةِ وُجُودِ الدَّمِ، وَلَكِنْ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا ـ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ ـ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا تِلَاوَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ حَتَّى تَغْتَسِلَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

لَا يَجُوزُ لَهَا قِرَاءَةُ القُرْآنِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَأَجَازَ المَالِكِيَّةُ ذَلِكَ في حَالِ وُجُودِ الدَّمِ.

وَنَنْصَحُ أَنْ تَأْخُذَ بِقَوْلِ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَهُوَ الأَحْوَطُ، وَلِقُوَّةِ الدَّلِيلِ.

وَيُمْكِنُهَا أَنْ تُثَبِّتَ حِفْظَهَا عَنْ طَرِيقِ السَّمَاعِ، إِمَّا مِنْ قَارِئَةٍ، أَو مُقْرِئٍ، أَوْ عَنْ طَرِيقِ تَسْجِيلٍ صَوْتِيٍّ أَوْ مَرْئِيٍّ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
126 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة

 السؤال :
 2021-03-12
 1384
امْرَأَةٌ حَامِلٌ بِتَوْأَمَيْنِ، وَلَدَتِ الأَوَّلَ، وَتَأَخَّرَ الثَّانِي عَنِ الوِلَادَةِ، فَهَلِ الدَّمُ الذي تَرَاهُ يُعْتَبَرُ نِفَاسًا؟
 السؤال :
 2019-11-12
 2295
هَلْ صَحِيحٌ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ المُسْتَحَاضَةِ أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ؟
 السؤال :
 2019-09-30
 5511
مَاذَا يَحْرُمُ عَلَى المَرْأَةِ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا؟
 السؤال :
 2019-07-07
 1649
امْرَأَةٌ في وَقْتِ حَيْضِهَا تَرَى بَعْضَ نِقَاطِ الدَّمِ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ هَذَا مِنَ الحَيْضِ؟
 السؤال :
 2019-06-23
 284
مَتَى تَدْخُلُ المَرْأَةُ سِنَّ اليَأْسِ؟
 السؤال :
 2019-03-29
 1134
بعض النساء قبل ولادتها بيوم أو يومين تردى دماً، فهل تدع صلاتها؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414948942
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :