720ـ خطبة الجمعة: نصيحة للكادر الطبي في زمن كورونا

720ـ خطبة الجمعة: نصيحة للكادر الطبي في زمن كورونا

720ـ خطبة الجمعة: نصيحة للكادر الطبي في زمن كورونا

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا بِبِعْثَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ سَبَبًا لِإنْقَاذِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَبَبًا لِجَمْعِ كَلِمَةِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَبَبًا لِأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الأُمَّةُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ.

لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ سَعَادَتِنَا دُنْيَا وَأُخْرَى، لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ سَلَامَةِ أَبْدَانِنَا وَمِنْ أَجْلِ سَلَامَةِ أَعْرَاضِنَا، وَمِنْ أَجْلِ سَلَامَةِ أَمْوَالِنَا، وَمِنْ أَجْلِ سَلَامَةِ دُنْيَانَا وَآخِرَتِنَا، لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا بِهَذَا الحَبِيبِ الأَعْظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي كَانَ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، أَعْطَانَا عَطَاءً لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ مِنَ الخَلْقِ أَنْ يُعْطِيَنَا مِثْلَ عَطَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، نَعَمْ لَقَدْ كَانَ عَطَاءُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا مَثِيلَ لَهُ، وَلَا شَبِيهَ لَهُ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ، وَانْطَلَقَ مِنْ خِلَالِ هَذَا العَطَاءِ مِنْ مُنْطَلَقِ: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ﴾. جَاءَ وَأَعْطَانَا هَذَا العَطَاءَ وَطَلَبَ الأَجْرَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في دَارِ البَقَاءِ، وَهَذَا هُوَ المُعَوَّلُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا ضَمِنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا أَرْزَاقَنَا، وَلَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وَأَجَلَهَا، فَلَمْ يَكُنْ هَمُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا رِضَا اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالآخِرَةَ.

يَا عِبَادَ اللهِ: مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الكَلِمَاتِ، أَتَوَجَّهُ إلى الإِخْوَةِ الأَطِبَّاءِ المُمَرِّضِينَ وإلى أَصْحَابِ المَشَافِي وَالمَسْؤُولِينَ عَنِ المَشَافِي العَامَّةِ وَالمَشَافِي الخَاصَّةِ، أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِمْ أَوَّلًا دَاعِيًا اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ: اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَيْرَ الجَزَاءِ وَأَتَمَّهُ وَأَعَمَّهُ وَأَكْمَلَهُ وَأَفْضَلَهُ، وَلَا تُرِنَا فِيهِمْ وَلَا في أَنْفُسِنَا وَلَا في المُسْلِمِينَ مَكْرُوهًا، جَزَاكُمُ اللهُ خَيْرَ الجَزَاءِ وَحَفِظَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَبَلَاءٍ وَوَبَاءٍ، وَحَفِظَ أُصُولَكُمْ وَفُرُوعَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ، وَأَرْجُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيمًا عِنْدَ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ.

ثُمَّ أَقُولُ: يَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الأَطِبَّاءُ، يَا أَصْحَابَ المَشَافِي، يَا أَصْحَابَ الصَّيْدَلِيَّاتِ، بِاللهِ عَلَيْكُمْ هَلُمُّوا في هَذِهِ الآوِنَةِ في هَذِهِ الأَيَّامِ المَعْدُودَةِ، وَأَرْجُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِأَسْمَائِهِ الحُسْنَى وَبِصِفَاتِهِ العُلَى أَنْ يَجْعَلَ هَذَا البَلَاءَ مَمْزُوجًا بِاللُّطْفِ وَأَنْ يَرْفَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنَّا عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، هَلُمُّوا يَا إِخْوَتِي الأَطِبَّاءُ يَا مَنْ يَسْمَعُنِي في هَذَا البَلَدِ وفي أَيِّ مَكَانٍ في الدُّنْيَا، هَلُمُّوا وَانْطَلِقُوا في هَذِهِ الآوِنَةِ مِنْ مُنْطَلَقِ: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ﴾.

الأُمَّةُ في حَالَةِ كَرْبٍ، في حَالَةِ غَلَاءٍ، في حَالَةِ بَلَاءٍ وَوَبَاءٍ، أُنَاشِدُكُمُ اللهَ انْطَلِقُوا مِنْ مُنْطَلَقِ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ».

أُنَاشِدُكُمُ اللهَ، لَا تَجْعَلُوا الأَسَاسَ الأَوَّلَ في عِلَاجِ النَّاسِ اليَوْمَ المَادَّةَ، أُنَاشِدُكُمُ اللهَ انْطَلِقُوا مِنْ مُنْطَلَقِ: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ﴾. وَاجْعَلُوا لِأَنْفُسِكُمْ رَصِيدًا، وَاللهِ مَا هَذَا البَلَاءُ إِلَّا وَأَيَّامٌ يَكُونُ مُرْتَفِعًا بِإِذْنِ اللهِ تعالى عَنِ الأُمَّةِ، اغْتَنِمُوا فُرْصَةَ حَيَاتِكُمْ، وَاغْتَنِمُوا فُرْصَةَ خِدْمَتِكُمْ لِأُمَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَا هُوَ عَطَاؤُكُمْ بِجَانِبِ عَطَاءِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لَا يُسَاوِي شَيْئًا، وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُنْطَلَقِ: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ﴾.

بِاللهِ عَلَيْكَ، كُنْ رَؤُوفًا كُنْ رَحِيمًا، المَشَافِي لَا تَتَّسِعُ لِكُلِّ هَؤُلَاءِ المَرْضَى، بِاللهِ عَلَيْكَ، هَلُمَّ وَافْتَحْ جَوَّالَكَ لَيْلًا وَنَهَارًا وَمَوَاقِعَ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ وَعَمِّمْ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَعَلَى مَنْ لَمْ تَعْرِفْ أَنَّكَ في خِدْمَةِ هَذِهِ الأُمَّةِ تَبْتَغِي بِذَلِكَ مَرْضَاةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَجْعَلُ لِنَفْسِكَ رَصِيدًا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَيَّامُنَا مَعْدُودَةٌ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، السَّعِيدُ مَنْ غَنِمَ أَنْفَاسَ عُمُرِهِ في خِدْمَةِ النَّاسِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

قُمْ يَا أَخِي الطَّبِيبُ وَيَا أَيُّهَا المُمَرِّضُ بِزِيَارَةِ المَرْضَى في بُيُوتِهِمْ، مِنْ مُنْطَلَقِ: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ﴾. اجْعَلْ لِنَفْسِكَ رَصِيدًا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ وَاللهِ أَصْبَحْتَ مَضْرِبَ مَثَلٍ لِغَيْرِكَ، وَسَوْفَ تُذْكَرُ بَعْدَ مَوْتِكَ بِلِسَانِ صِدْقٍ كَمَا دَعَا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَائِلًا: ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾.

اجْعَلْ لِنَفْسِكَ رَصِيدًا حَيْثُ تُذْكَرُ بِخِدْمَتِكَ للنَّاسِ عَرَفْتَ أَو لَمْ تَعْرِفْ، أَغْنِيَاءَ كَانُوا أَو فُقَرَاءَ، تَقَرَّبْ بِذَلِكَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، هَلْ تَعْلَمُ يَا أَخِي الطَّبِيبُ يَا أَيُّهَا المُمَرِّضُ يَا صَاحِبَ الدَّوَاءِ يَا أَيُّهَا الصَّيَادِلَةُ، هَلْ تَعْلَمُ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» راوه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

اجْعَلْ لِنَفْسِكَ رَصِيدًا مِنْ أَجْلِ ذُرِّيَّتِكَ وَأَنْتَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾.

لَا تَدْرِي مَاذَا خَبَّأَ لَكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في المُسْتَقْبَلِ، اجْعَلْ لِنَفْسِكَ رَصِيدًا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ وَقَعْتَ لَا قَدَّرَ اللهُ في ضِيقٍ أَو في كَرْبٍ أَو في هَمٍّ أَو في غَمٍّ قُلْ: يَا رَبُّ، أَنَا كُنْتُ سَبَبًا لِتَفْرِيجِ كَرْبٍ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَكُنْتُ سَبَبًا لِتَنْفِيسِ هَمِّهِ، كُنْ عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيَجْبُرُ الخَاطِرَ، لِأَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، مَنْ فَرَّجَ كَرْبًا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كَرْبًا في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، هَلُمَّ يَا أَخِي الطَّبِيبُ، يَا مَنْ يَسْمَعُنِي أَيْنَمَا كُنْتَ، تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الاسْتِشَارَاتِ مِنْ خِلَالِ الهَاتِفِ أَو مِنْ خِلَالِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ لِيَقَعَ أَجْرُكَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ﴾. وَإِذَا وَقَعَ أَجْرُكَ عَلَى اللهِ، أَتَظُنُّ أَنْ يَتَخَلَّى اللهُ عَنْكَ وَعَنْ ذُرِّيَّتِكَ وَعَنْ أُصُولِكَ وَزَوْجِكَ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، مَعَاذَ اللهِ، رَبُّنَا القَائِلُ: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾.

أَغِثْ أَغِثْ يَا عَبْدَ اللهِ هَؤُلَاءِ المَرْضَى وَأَنْتَ تَسْتَحْضِرُ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾. الدُّنْيَا فَانِيَةٌ وَمَا نَجْمَعُهُ سَوْفَ نَتْرُكُهُ لِوَرَثَتِنَا وَوَرَثَتُنَا لِوَرَثَتِهِمْ حَتَّى يَرِثَ اللهُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، كُنْ يَا أَيُّهَا الطَّبِيبُ يَا أَيُّهَا المُمَرِّضُ يَا صَاحِبَ الصَّيْدَلِيَّةِ كُنْ كَيِّسًا وَأَنْتَ الكَيِّسُ، كُنْ فَطِنًا وَأَنْتَ الفَطِنُ، كُنْ عَاقِلًا وَأَنْتَ العَاقِلُ، اسْمَعْ وَلْنَسْمَعْ جَمِيعًا قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ» رواه الترمذي عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ضَعْ نَفْسَكَ لَا قَدَّرَ اللهُ مَكَانَ المَرِيضِ، كَيْفَ تُرِيدُ أَنْ يُعَامِلَكَ الطَّبِيبُ، انْطَلِقْ مِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ».

المَالُ لِمَا قَبْلَ المَوْتِ، وَإِنَّمَا العَمَلُ للهِ عَمَلٌ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، أَلَا تُرِيدُ أَنْ تَنْتَقِلَ إلى عَالَمِ البَرْزَخِ لِتَرَاهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، أَلَا تَتَمَنَّى أَنْ تَقِفَ في عَرَصَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ وَالنَّاسُ في هَمٍّ وَغَمٍّ وَكَرْبٍ وَأَنْتَ في أَمْنٍ وَأَمَانٍ في ظِلِّ عَرْشِ الرَّحْمَنِ، هَلُمُّوا يَا إِخْوَتِي بِالتَّعَاوُنِ عَلَى رَفْعِ هَذَا البَلَاءِ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أُنَاشِدُ اللهَ الأُمَّةَ خُذُوا بِالأَسْبَابِ بِالتَّبَاعُدِ وَعَدَمِ المُصَافَحَةِ فَضْلًا عَنِ المُعَانَقَةِ، ثُمَّ بِوَضْعِ الكَمَّامَاتِ، ثُمَّ بِالتَّعْقِيمِ وَالنَّظَافَةِ، كُونُوا عَوْنًا للأَطِبَّاءِ في تَقْلِيلِ هَذَا المَرَضِ، وفي رَفْعِهِ، وَإِنِّي أَرْجُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُهَيِّئَ لِهَذِهِ الأُمَّةِ الأَطِبَّاءَ الأَتْقِيَاءَ الأَنْقِيَاءَ الذينَ يُغِيثُونَ العِبَادَ، وَمَنْ أَغَاثَ أَغَاثَهُ اللهُ، وَمَنْ فَرَّجَ كَرْبًا فَرَّجَ اللهُ كَرْبَهُ، وَمَنْ نَفَّسَ هَمًّا نَفَّسَ اللهُ هَمَّهُ، هَنِيئًا لِمَنْ جَعَلَ لِنَفْسِهِ رَصِيدًا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَانْطَلَقَ مِنْ مُنْطَلَقِ انْطَلَقَ مِنْهُ الحَبِيبُ الأَعْظَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ﴾.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ: اجْعَلُوا هَذَا شِعَارَكُمْ في هَذِهِ الآوِنَةِ، فَالأُمَّةُ بِحَاجَةٍ إِلَيْكُمْ، سَلُوا اللهَ الأَجْرَ وَلَا تَسَلُوهُ مِنَ العِبَادِ، وَهَنِيئًا لِمَنْ كَانَ مِفْتَاحًا للخَيْرِ مِغْلَاقًا للشَّرِّ، وَهَنِيئًا لِمَنْ كَانَ سَبَبًا في رَفْعِ البَلَاءِ عَنْ أُمَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَبِيِّ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا تَوَجَّهْنَا بِكَ إلى رَبِّنَا في أَنْ يَرْفَعَ عَنَّا هَذَا البَلَاءَ، فَيَا رَافِعَ السَّمَاءِ بِلَا عَمَدٍ، ارْفَعْ عَنَّا هَذَا البَلَاءِ، إِنْ لَمْ نَكُنْ أَهْلًا لِذَاكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذَاكَ، يَا رَبَّنَا مَا عَوَّدْتَنَا إِلَّا الإِحْسَانَ، مَا عَوَّدْتَنَا إِلَّا الفَضْلَ، نَسْأَلُكَ يَا رَبَّنَا أَنْ لَا تُعَامِلَنَا بِعَدْلِكَ، عَامِلْنَا بِفَضْلِكَ وَارْفَعْ عَنَّا هَذَا البَلَاءَ وَارْحَمْ هَذِهِ الأُمَّةِ التي تَكَالَبَ عَلَيْهَا الشَّرْقُ وَالغَرْبُ، أَسْأَلُكَ يَا رَبَّنَا أَنْ لَا تُشْمِتَ أَعْدَاءَنَا بِدَائِنَا.

يَا رَبُّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**    **    **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 17/ ذو الحجة /1441هـ، الموافق: 7/آب / 2020م

 2020-08-08
 2580
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

17-05-2024 177 مشاهدة
914ـ خطبة الجمعة: مهمة المسلم الإصلاح (1)

إِنَّ مُهِمَّةَ العَبْدِ المُؤْمِنِ العِبَادَةُ، وَمِنْ هَذِهِ العِبَادَةِ الإِصْلَاحُ، قَالَ تعالى حِكَايَةً عَلَى لِسَانِ سَيِّدِنَا شُعَيْبٍ عَلَيْه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي ... المزيد

 17-05-2024
 
 177
10-05-2024 342 مشاهدة
913ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (4)

فَرِيضَةُ الحَجِّ ثَابِتَةٌ بِنَصِّ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبِالإِجْمَاعِ، وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾. ... المزيد

 10-05-2024
 
 342
02-05-2024 581 مشاهدة
912ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (3)

الحَجُّ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ دِينِنَا العَظِيمِ، فَرَضَهُ اللهُ تعالى عَلَى عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ مَرَّةً في العُمُرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنِ الإِسْلَامِ ـ: ... المزيد

 02-05-2024
 
 581
26-04-2024 539 مشاهدة
911ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (2)

لَقَدْ أَكْمَلَ اللهُ تعالى وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْنَا بِهَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ، وَعَظُمَتْ نِعْمَةُ اللهِ تعالى عَلَيْنَا إِذْ فَرَضَ عَلَيْنَا الحَجَّ في العُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، للمُسْتَطِيعِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَمِنَ ... المزيد

 26-04-2024
 
 539
19-04-2024 836 مشاهدة
910ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (1)

أَتَوَجَّهُ إلى السَّادَةِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، لِأَقُولَ لَهُمْ: هَنيئًا لَكُمْ يَا مَنْ لَبَّيْتُمْ أَمْرَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ ... المزيد

 19-04-2024
 
 836
12-04-2024 1558 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 1558

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414951148
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :