847ـ خطبة الجمعة: الصبر إما اختيار وإما اضطرار

847ـ خطبة الجمعة: الصبر إما اختيار وإما اضطرار

847ـ خطبة الجمعة: الصبر إما اختيار وإما اضطرار

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: الإِيمَانُ بِالقَضَاءِ وَالقَدَرِ بَلْسَمُ جَمِيعِ الجِرَاحَاتِ، وَهُوَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ السَّعَادَةِ في الحَيَاةِ الفَانِيَة، لِأَنَّ العَبْدَ المُؤْمِنَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطئَهُ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، قَالَ تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾.

المُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ الذي يُعَوِّدُ نَفْسَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ للقَضَاءِ وَالقَدَرِ، مَاذَا يَفْعَلُ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالقَضَاءِ وَالقَدَرِ؟ فَمَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

المُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ العَبْدُ الصَّابِرُ في الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ وَالابْتِلَاءَاتِ، لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾.

الصَّبْرُ إِمَّا اخْتِيَارٌ وَإِمَّا اضْطِرَارٌ:

يَا عِبَادَ اللهِ: مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَيَصْبِرُ، إِمَّا اخْتِيَارًا، وَإِمَّا اضْطِرَارًا؛ فَالكَرِيمُ يَصْبِرُ اخْتِيَارًا لِعِلْمِهِ بِحُسْنِ عَاقِبَةِ الصَّبْرِ، وَأَنَّهُ يُحْمَدُ عَلَيْهِ؛ وَيَنْدَمُ عَلَى الجَزَعِ وَعَلَى عَدَمِ الصَّبْرِ، لِأَنَّ جَزَعَهُ لَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَائِتًا، وَلَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهُ مَكْرُوهًا، فَالمُقَدَّرُ كَائِنٌ لَا يَنْمَحِي، وَلَا حِيلَةَ في دَفْعِهِ، وَمَا لَمْ يُقَدَّرْ فَلَا حِيلَةَ في تَحْصِيلِهِ، فَلِمَاذَا الجَزَعُ وَالقَلَقُ وَالاضْطِرَابُ؟

وَأَمَّا اللَّئِيمُ فَإِنَّهُ يَصْبِرُ اضْطِرَارًا مَعَ الاشْمِئْزَازِ وَالجَزَعِ وَالضَّجَرِ وَالسُّخْطِ، وَلَا يَعِيشُ في أَمَلٍ، بَلْ في كَرْبٍ وَشِدَّةٍ.

الكَرِيمُ يَصْبِرُ اخْتِيَارًا، لِأَنَّهُ سَيَكُونُ في مَعِيَّةِ اللهِ تعالى، وَاقْرَؤُوا وَتَأَمَّلُوا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. هَوَ عَلَى مَوْعِدٍ بِأَجْرٍ لَا يَعْلَمُ حُدُودَهُ وَلَا مُنْتَهَاهُ إِلَّا مَنْ قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.

هَوَ عَلَى مَوْعِدٍ مِنَ اللهِ تعالى بِأَنْ يَجْمَعَهُ مَعَ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَزَوْجِهِ في الجَنَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾.

هَوَ عَلَى مَوْعِدٍ مَعَ البِشَارَةَ الإِلَهِيَّةِ بِالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.

وَرَضِيَ اللهُ تعالى عَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ القَائِلِ: نِعْمَ العِدْلَانِ، وَنِعْمَ العِلَاوَةُ: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ﴾. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ﴾. رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ.

وَمَعْنَى العِدْلَيْنِ: المِثْلَانِ، وَمُرَادُهُ بِهِمَا الصَّلَوَاتُ وَالرَّحْمَةُ لِمَنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ عِنْدَ المُصِيبَةِ، وَالعِلَاوَةُ ثَنَاءُ اللهِ تعالى عَلَيْهِمْ بِالهِدَايَةِ، وَالعِدْلَانِ في الأَصْلِ مَا يُوضَعُ عَلَى شِقَّيِ الدَّابَّةِ مِنَ الحِمْلِ، وَالعِلَاوَةُ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَمَامِ الحَمْلِ كَالزَّادِ وَغَيْرِهِ.

فَهْمُ السَّلَفِ الصَّالِحِ للابْتِلَاءِ:

يَا عِبَادَ اللهِ: لَقَد فَهِمَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ حَقِيقَةَ الابْتِلاءِ، وَفَهِمُوا الحِكْمَةَ الشَّرْعِيَّةَ للابْتِلاءِ، فَكَانُوا أَفْضَلَ مِنَّا حَالًا وَضَرَبُوا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ في الصَّبْرِ وَالاحْتِسَابِ.

أَوَّلًا: سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ كَانَ يَحْمَدُ اللهَ تعالى عَلَى الابْتِلاءِ، فَقَد كَانَ يَقُولُ: مَا ابْتُلِيتُ بِبَلِيَّةٍ إلَّا كَانَ للهِ عَلَيَّ فِيهَا أَرْبَعُ نِعَمٍ، إِذْ لَمْ تَكُنْ في دِينِي، وَإِذْ لَمْ أُحْرَمِ الرِّضَا، وَإِذْ لَمْ تَكُنْ أَعْظَمَ، وَإِذْ رَجَوْتُ الثَّوَابَ عَلَيْهَا.

ثَانِيًا: سَيِّدُنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، لَمَّا بُتِرَتْ رِجْلُهُ، وَفَقَدَ وَلَدَهُ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، كَانَ لِي أَطْرَافٌ أَرْبَعَةٌ، فَأَخَذْتَ وَاحِدَاً، فَلَئِنْ كُنْتَ قَد أَخَذْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ، وَإِنْ كُنْتَ قَد ابْتَلَيْتَ فَلَطَالَمَا عَافَيْتَ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلَى مَا أَخَذْتَ وَعَلَى مَا عَافَيْتَ.

وَقَالَ في وَلَدِهِ: الحَمْدُ للهِ، كَانُوا سَبْعَةً، فَأَخَذْتَ مِنْهُمْ وَاحِدًا وَأَبْقَيْتَ سِتَّةً، فَلَئِنْ كُنْتَ قَد ابْتَلَيْتَ فَلَطَالَمَا عَافَيْتَ، وَلَئِنْ كُنْتَ قَد أَخَذْتَ فَلَطَالَمَا أَعْطَيْتَ.

ثَالِثًا: سَيِّدُنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا قَدِمَ إِلَى مَكَّةَ ـ وَقَدْ كُفَّ بَـصَرُهُ ـ جَعَلَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ لِيَدْعُوَ لَهُمْ؛ فَجَعَلَ يَدْعُو لَهُمْ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ السَّائِبِ: فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا غُلَامٌ، فَتَعَرَّفْتُ إِلَيْهِ، فَعَرَفَنِي.

فَقُلْتُ: يَا عَمُّ، أَنْتَ تَدْعُو لِلنَّاسِ فَيُشْفَوْنَ، فَلَوْ دَعَوْتَ لِنَفْسِكَ لَرَدَّ اللهُ عَلَيْكَ بَصَرَكَ.

فَتَبَسَّمَ؛ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، قَضَاءُ اللهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَصَرِي. كَذَا في مَدَارِجِ السَّالِكِينَ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ: ابْحَثُوا في الابْتِلاءِ عَن الأَجْرِ، وَلَا سَبِيلَ إلى الصَّبْرِ إِلَّا بِعَزِيمَةٍ إِيمَانِيَّةٍ، وَإِرَادَةِ تَوْبَةٍ، وَلَا تَنْسَوْا شُكْرَ اللهِ تعالى عَلَى العَطَاءِ، والصَّبْرَ عَلَى الابْتِلاءِ، وَلَا تَنْسَوْا أَنَّ اللهَ تعالى يَرَاكُم، وَيَعْلَمُ مَا بِكُم، وَأَنَّهُ أَرْحَمُ بِكُم من أَنْفُسِكُم، ومن النَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَلَا تَشْكُوا إِلَّا إلى إِلَيْهِ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ سَيِّدُنَا يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ﴾.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الرَّاضِينَ وَمِنَ الشَّاكِرِينَ وَمِنَ الصَّابِرِينَ. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**    **    **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 29/ جمادى الأولى /1444هـ، الموافق: 23/ كانون الأول / 2022م

 2022-12-23
 2309
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

17-05-2024 165 مشاهدة
914ـ خطبة الجمعة: مهمة المسلم الإصلاح (1)

إِنَّ مُهِمَّةَ العَبْدِ المُؤْمِنِ العِبَادَةُ، وَمِنْ هَذِهِ العِبَادَةِ الإِصْلَاحُ، قَالَ تعالى حِكَايَةً عَلَى لِسَانِ سَيِّدِنَا شُعَيْبٍ عَلَيْه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي ... المزيد

 17-05-2024
 
 165
10-05-2024 331 مشاهدة
913ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (4)

فَرِيضَةُ الحَجِّ ثَابِتَةٌ بِنَصِّ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبِالإِجْمَاعِ، وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾. ... المزيد

 10-05-2024
 
 331
02-05-2024 578 مشاهدة
912ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (3)

الحَجُّ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ دِينِنَا العَظِيمِ، فَرَضَهُ اللهُ تعالى عَلَى عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ مَرَّةً في العُمُرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنِ الإِسْلَامِ ـ: ... المزيد

 02-05-2024
 
 578
26-04-2024 537 مشاهدة
911ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (2)

لَقَدْ أَكْمَلَ اللهُ تعالى وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْنَا بِهَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ، وَعَظُمَتْ نِعْمَةُ اللهِ تعالى عَلَيْنَا إِذْ فَرَضَ عَلَيْنَا الحَجَّ في العُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، للمُسْتَطِيعِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَمِنَ ... المزيد

 26-04-2024
 
 537
19-04-2024 833 مشاهدة
910ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (1)

أَتَوَجَّهُ إلى السَّادَةِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، لِأَقُولَ لَهُمْ: هَنيئًا لَكُمْ يَا مَنْ لَبَّيْتُمْ أَمْرَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ ... المزيد

 19-04-2024
 
 833
12-04-2024 1553 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 1553

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414947699
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :