طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالأَصْلُ أَنَّ سُؤَالَ المَالِ، وَالمَنْفَعَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِمَّنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَيْ فِي المَسْؤُولِ مِنْهُمَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ مُحَرَّمَةٍ:
أَحَدُهَا: إِظْهَارُ الشَّكْوَى.
وَالثَّانِي: إِذْلَالُ نَفْسِهِ، وَمَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ.
وَالثَّالِثُ: إِيذَاءُ المَسْؤُولِ غَالِبًا.
وَإِنَّمَا يُبَاحُ السُّؤَالُ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ وَالحَاجَةِ المُهِمَّةِ القَرِيبَةِ مِنَ الضَّرُورَةِ.
وَإِنْ كَانَ المُحْتَاجُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى التَّكَسُّبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: «مَنْ سَأَل وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ المَسْأَلَةِ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ خُمُوشٌ فِي وَجْهِهِ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَوَرَدَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهُوَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ، فَسَأَلَاهُ مِنْهَا، فَرَفَعَ فِينَا البَصَرَ وَخَفَضَهُ، فَرَآنَا جَلْدَيْنِ، فَقَال: «إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» رواه أبو داود.
مَعْنَاهُ لَا حَقَّ لَهُمَا فِي السُّؤَالِ، وَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحِل الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. يَعْنِي لَا يَحِلُّ السُّؤَالُ لِلْقَوِيِّ القَادِرِ عَلَى التَّكَسُّبِ.
وَيَرَى أَكْثَرُ أَهْل العِلْمِ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ يَقْدِرُ عَلَى الكَسْبِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا يَحِلُّ للإِنْسَانِ أَنْ يَطْلُبَ الصَّدَقَةَ أَو الزَّكَاةَ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ حَاجَةٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى العَمَلِ وَالعَمَلُ مُتَوَفِّرٌ وَهُوَ لَا يَعْمَلُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |