طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في سُنَنِ ابن ماجه أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لَقِيَ امْرَأَةً مُتَطَيِّبَةً تُرِيدُ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ أَيْنَ تُرِيدِينَ؟
قَالَتْ: الْمَسْجِدَ.
قَالَ: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ».
وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ لَقِيَ امْرَأَةً، فَوَجَدَ مِنْهَا رِيحَ إِعْصَارٍ طَيِّبَةً (يَعْنِي يَفُوحُ مِنْهَا الطِّيبُ كَأَنَّهُ إِعْصَارٌ) فَقَالَ لَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ: الْمَسْجِدَ تُرِيدِينَ؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنَ امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِلْمَسْجِدِ فَيَقْبَلُ اللهُ لَهَا صَلَاةً حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْهُ اغْتِسَالَهَا مِنَ الْجَنَابَةِ» فَاذْهَبِي فَاغْتَسِلِي.
فَالأَمْرُ بِالاغْتِسَالِ مِنَ الطِّيبِ إِذَا خَرَجَتِ المَرْأَةُ إلى الشَّارِعِ بِهِ، يَعْنِي أَنْ تُبَالِغَ في إِزَالَةِ الطِّيبِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى البَدَنِ.
وَقِيلَ: أَمَرُهَا بِالاغْتِسَالِ تَشْدِيدَاً عَلَيْهَا وَتَعْنِيفَاً لِفِعْلِهَا وَتَشْبِيهَاً لَهُ بِالزِّنَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا هَيَّجَتْ بِالنَّظَرِ شَهَوَاتِ الرِّجَالِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالأَمْرُ بِالاغْتِسَالِ إِنْ تَطَيَّبَتِ المَرْأَةُ وَخَرَجَتْ إلى الشَّارِعِ، هُوَ مِنْ بَابِ الأَمْرِ بِالمُبَالَغَةِ بِإِزَالَةِ الطِّيبِ عَنْ جَسَدِهَا، وَتَشْنِيعَاً لِفِعْلِهَا الذي فَعَلَتْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |