طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولًا: فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» رواه ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَهَذَا الأَمْر ُ يُفِيدُ الوُجُوبَ بِدَفْعِ الأُجْرَةِ للأَجِيرِ عَقِبَ الفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَحْرُمُ مَطْلُهُ وَالتَّسْوِيفُ بِهِ مَعَ القُدْرَةِ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ».
وَمِنْ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ الحَاصِلِ في المُجْتَمَعِ عَدَمُ إِعْطَاءِ العَامِلِ وَالمُوَظَّفِ أَجْرَهُ بَعْدَ نِهَايَةِ عَمَلِهِ، وَقَدْ حَذَّرَنَا الإِسْلَامُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾. وَقَالَ تعالى في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَيَحْرُمُ عَلَى مُدِيرِ المَعْهَدِ تَأْخِيرُ دَفْعِ الأُجُورِ للمُدَرِّسِينَ عِنْدَهُ، وَخَاصَّةً بَعْدَ إِنْهَاءِ العَمَلِ المَطْلُوبِ مِنْهُمْ، وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ في تَعَامُلِهِ مَعَ المُدَرِّسِينَ، وَلْيَذْكُرْ أَنَّهُ رَاعٍ في مَعْهَدِهِ، وَالمُوَظَّفُونَ عِنْدَهُ هُمْ رَعِيَّتُهُ، فَلْيَرْفُقْ بِهِمْ، وَلْيَسْمَعْ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |