طباعة |
9ـ نحو أسرة مسلمة: صفات الزوجة الصالحة1 | ||||
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد فيا أيها الإخوة الكرام: ذكرنا في الدروس الماضية بأن نواة المجتمع هي الأسرة، وصلاحها صلاح المجتمع، وفسادها فساد المجتمع، وما هذا الفساد الذي دبَّ في المجتمع حتى صار البعض يرى المعروف منكراً والمنكر معروفاً، بل البعض اجترأ على أكثر من هذا فأمر بالمنكر ونهى عن المعروف، وإذا وصلت الأمة إلى هذه الدركة ولم يبق فيها آمر بالمعروف ولا ناهٍ عن المنكر استوجبت اللعنة والعياذ بالله، قال تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه}. هذا يا ترى تصل هذه الأمة إلى هذه الدركة فلا يبقى فيها آمر بالمعروف وناه عن المنكر؟ الجواب: لا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) [رواه مسلم]، لأنه لو عدم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لوجب إرسال رسول آخر، وإلا فمن أين يتعلم الناس وكيف تصل إليهم الشريعة؟ لذلك شاء ربنا جل وعلا أن يقول: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}، وهذا الحفظ كان بأن هيأ الله لهذه الأمة من يحفظ كتاب الله في صدره وفي سلوكه وعمله. فالأسرة نواة المجتمع، لذلك رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يركز على الأسرة، وأول تركيز عليها أنه أمر بحسن الاختيار، أن يختار كل من الزوجين صاحبه على أساس من الدين والخلق، وعرفنا في الدروس الماضية لماذا تختار أنت لمحارمك صاحب الدين والخلق؟ أما اليوم فحديثنا لماذا يختار الواحد منا من الرجال أو ممن أراد أن يزوج أولاده أو بعض أفراد المجتمع، لماذا عليه أن يختار صاحبة الدين والخلق؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا بعدما أن أشار القرآن العظيم بقوله: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}، فيا من يريد صلاح المجتمع، ويا من يريد صلاح الأسرة، ويا من يريد الاستمرارية لذكره بعد موته، ويا من يريد حياة طيبة في الدنيا والبرزخ ويوم القيامة، اسمع ماذا يقول لك النبي صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك). أيها الإخوة: عندما نزل قول الله عز وجل: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون} فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فأي المال نتخذ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة) [رواه ابن ماجه]. أن تتخذ زوجة مؤمنة، ما قال مسلمة، لقول الله تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم}. إذا دخل الإيمان في القلب استقامت الجوارح، فإذا رأيت خللاً في جوارحك فهناك خلل في الإيمان، كلما عظم الإيمان استقامت الجوارح، وكلما ضعف الإيمان انحرفت الجوارح، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربه وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن) [رواه البخاري]. لذلك قال: (وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة). لذلك قال العلماء في تفسير قول الله تعالى: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}، قال العلماء: حسنة الدنيا هي المرأة الصالحة، امرأة ستيرة، عفيفة، تصون زوجها، تربي أبناءها، إن نظرت إليها سرتك بجمالها أو تجمّلها، وإن أمرتها أطاعتك، ـ ومن الذي يأمر؟ الزوج صاحب الدين والخلق، وصاحب الدين لا يأمر بمعصية الله ـ، وإن غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك. فهذه أعظم حسنة في هذه الحياة الدنيا. وروى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة). وروى الإمام البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها) ثم قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم الناصح الأمين الذي هو أولى بنا من أنفسنا: (فاظفر بذات الدين تربت يداك). ومعنى تربت يداك: التصقت يداك بالتراب وهو كناية عن الفقر، وليس المقصود به الدعاء لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدعو على أحد، إنما هو من باب الكناية، كما قال لمعاذ: (ثكلتك أمك يا معاذ) وليس المقصود أن تفقده أمه، ولكنها كلمة كانت تستخدمها العرب. فاظفر بذات الدين تربت يداك، لماذا؟ لأن صاحبة الدين لها صلة مع الله، والمرأة إذا كانت لها صلة مع الله تحقق لك سعادة، وتأتيك بفرج من عند الله ببركتها. والمرأة التي لا صلة لها مع الله عز وجل فصلتها مع الشيطان، إما شياطين الإنس وإما شياطين الجن، وخراب أكثر البيوت سببه شياطين الإنس والجن. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سمَّى العام الذي توفيت فيه السيدة خديجة رضي الله عنها عام الحزن، فهذا يترجم لنا كيف يكون الرجل وفياً لزوجته وهو صاحب الدين، وقد سمى هذا العام عام الحزن لأن السيدة خديجة رضي الله عنها كان دعماً لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلما دخل صلى الله عليه وسلم بيته وجد السكن، الذي حرمه أكثر الناس إلا ما رحم ربي، لذلك ترى أكثر الناس في حالة نفور من البيت، البيت إنما هو مطعم وفندق للنوم، وما عدا ذلك هو خارج البيت، يدخل البيت والزوجة نائمة ويودعها وهي نائمة، وإن كانت له حاجة بكَّر قليلاً! هل هذا هو خلق الإنسان المسلم؟ لا أبداً، وهذا النفور لأن المرأة ليس لها صلة مع الله عز وجل، ولو كانت لها صلة مع الله لحققت السكن لزوجها، ويبدأ الزوج يتطلع بشوق للذهاب إلى البيت، من أجل أن يجلس مع زوجه وأولاده، ومن أجل أن يجد هذا السكن الذي قال فيه مولانا عز وجل: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها}. وتعلمون أيها الإخوة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلو بغار حراء الليالي ذوات العدد، فجاءه الوحي وهو في الغار فضمه سيدنا جبريل إلى صدره حتى بلغ منه الجهد، ثم أرسله فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، ثم أخذه فغطه الثانية حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، ثم أخذه الثالثة فغطه حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق...}. فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت وقال: زملوني، وهو يرتجف فؤاده. وفي مثل هذه الحالة إن لم يجد الرجل زوجة صاحبة دين وخلق إذا رأته منهاراً متعباً وهي ليس لها صلة مع الله يصير المصاب مضاعفاً، هي تنهار وهو ينهار، لذلك عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين) لأن صاحبة الدين هي التي تشد من عزيمتك وتنهض بحالك وتقوي إرادتك، لذلك عندما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال لخديجة: والله لقد خشيت على نفسي، فقالت رضي الله عنها: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق [رواه البخاري]. لذلك النبي صلى الله عليه وسلم عندما أمرنا أن نظفر بذات الدين لنحقق السكن، دخلت مضطرباً إلى بيتك ألقت عليك السكن، بشَّرتك، سكَّنتك، وما جعلت بيتك جحيماً، والمرأة إذا لم يكن عندها التزام كيف يكون حال البيت؟ الكلام على أم الزوج، وعلى أبيه، وعلى أخيه، وعلى الجيران، والطلبات كثيرة، وإذا بهذا الرجل لا يجد الراحة، وأي راحة يجدها إذا لم يظفر بصاحبة الدين؟ لذلك أمرك النبي صلى الله عليه وسلم أن تظفر بصاحبة الدين، التي قال فيها مولانا عز وجل: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}، يعني أن صاحبة الدين تراقب الله ولا تراقب زوجها، والمرأة التي تراقب الله يرتاح قلب زوجها ولو غاب عن بيته أياماً، أو أشهراً وسنوات. أما الزوجة صاحبة الجمال بلا دين، أو صاحبة المال بلا دين، أو صاحبة النسب بلا دين، فإذا أراد الزوج أن يغيب فإنه لا يكون مرتاحاً، وتراوده الشكوك. فالرجولة أن تختار صاحبة الدين، وليست الرجولة أن تظفر بصاحبة الجمال أو المال أو النسب بدون دين، لأنك معرض للغياب عن بيتك ولو كانت ساعة، صاحبة الدين والخلق التي تربت في مدرسة الإسلام إن غاب عنها زوجها حفظته في نفسها وفي ماله. قبل أن آتي إلى الدرس بقليل اتصلت بي امرأة، وقالت: إن زوجها يطيل الغياب بسبب السفر، فألحت عليه ألا يطيل الغياب لأنها بحاجة إلى الرجل بكل صراحة، ولكنه مصر على الغياب، قالت له: أناشدك الله لا تكثر الغياب أخشى على نفسي من الانحراف، وإذا به يتهمها ويحلفها الأيمان بالله هل لها علاقة مع أحد أم لا؟ أنت عندما تختار صاحبة الدين والخلق، وأنت صاحب الدين والخلق، لا تغيب عن زوجتك، ولا تكثر الغياب عنها، وخاصة في الأعوام الأولى من الزواج، أنت في ريعان الشباب وهي في ريعان الصبا، فلا تكثر الغياب، لأن هذه المرأة تزوجت رجلاً وليس خشباً، وهذا الغياب إن لم يكن مع زوجة تراقب الله عز وجل تهدم البيت، والماء يجري من تحت أقدام الزوج وهو لا يدري ولا يشعر. فأنت عندما تختار صاحبة الدين يطمئن قلبك، وليست صاحبة الدين التي تراقب الزوج وإنما تراقب الله عز وجل. صاحبة الدين إن غاب زوجها وإن حضر فاستقامتها واحدة، قولها هو هو، وفعلها هو هو، وحديثها على الهاتف هو هو، وحجابها هو هو، لأنها تراقب الله عز وجل، (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) رواه مسلم. كان سيدنا عمر يتفقد أحوال الرعية ذات ليلة، فسمع امرأة تقول لابنتها: قومي إلى ذاك اللبن فامذقيه بالماء. فأجابت الفتاة: يا أماه، أوما علمت بما كان من عزمة أمير المؤمنين؟ قالت المرأة: وما كان من عزمته يا بنية؟ قالت: إنه أمر مناديه فنادى: لا يشاب اللبن بالماء. فقالت المرأة: يا بنية قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنك بموضع لا يراك عمر، ولا منادي عمر. فقالت الفتاة: يا أماه، إن كان عمر لا يرانا، فإله عمر يرانا، والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء. فلما أصبح عمر رضي الله عنه، قال لابنه عاصم: اذهب إلى مكان كذا وكذا، فإن هناك صبية، فإن لم تكن مشغولة فتزوج بها، فلعل الله أن يرزقك منها نسمة مباركة. وتزوج عاصم رضي الله عنه من تلك الفتاة، فأنجبت له بنتاً، فتزوجها عبد العزيز بن مروان، فأنجبت له عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. وتحققت بذلك فراسة سيدنا عمر الملهم رضي الله عنه. هذه هي صاحبة الدين، كثير من النساء مع أزواجهن متحجبات بحشمة ووقار، وإذا غاب الزوج غابت الحشمة والوقار وغاب الحجاب، لذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناصح الأمين لهذه الأمة يقول: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، لأن صاحبة الدين إن غاب عنها زوجها حفظته في نفسها وماله. وذكر ابن كثير في تفسيره عن عمرو بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول:
فسأل عمر ابنته حفصة رضي الله عنها: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر أو أربعة أشهر. فقال عمر: لا أحبس أحدًا من الجيوش أكثر من ذلك. ويا ترى أين كان زوجها غائباً؟ هل ذهب إلى الساحل؟ أم إلى أمريكا والغرب؟ هو غائب عنها في الجهاد في سبيل الله. وهذا يعني أنه لا مانع أن يتزوج الإنسان قبل الخدمة الإلزامية، وولي الأمر مسؤول، (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) [رواه البخاري]. أما أن تؤخر الزواج إلى ما بعد الخدمة الإلزامية وتقع لا قدر الله في الفاحشة فمن الذي ينقذك من بين يدي الله يوم القيامة؟ فما المانع من الزواج قبل الخدمة الإلزامية؟ على أن تختار صاحبة الدين. فأنت عندما تختار صاحبة الدين يطمئن قلبك إن غبت عن زوجتك، ويطمئن قلبك في حسن تربية الأبناء. ولذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، لأنها تكون لها صلة مع الله عز وجل. ويقول الله عز وجل: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله}، من لم يكن له رصيد عند الله عز وجل بداية إذا ناداه في ساعة الشدة قد لا يستجيب له، (تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة) [رواه أحمد]، فمن لم تكن معها صلة مع الله عز وجل إذا حلت بها مصيبة فلمن ستلتجئ؟ فصاحبة الدين لها صلة مع الله، وصلتها مع الله تجعل في حياتك استقراراً، فإذا وقعت في ضيق التجأت إلى الله ففرج الله عز وجل هذا الضيق عنها. فهذه المرأة لو لم يكن لها رصيد عند الله فكيف يسمع الله قولها؟ لذلك اجعل لنفسك رصيداً عند الله، واغتنم فترة الصحة والقوة والمال والجاه، فإذا وقعت في ورطة لا قدر الله فقلت يا رب، قال: لبيك عبدي، أنت تعرفت عليه في الرخاء أيتخلى عنك في الشدائد؟ هذه المرأة كانت تحت أوس بن الصامت رضي الله عنهما، فغضب منها زوجها فقال لها: أنت علي كظهر أمي، وكانت هذه عادة العرب في الجاهلية إذا أراد أن يحرم زوجته عليه. فقال لها أوس: ما أظنك إلا قد حرمت عليّ، فقالت: والله ما ذاك طلاق، وأتت النبي صلى الله عليه وسلم، وعائشة تغسل شق رأسه الشريف صلى الله عليه وسلم، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني وأنا شابة غنية ذات مال وأهل، حتى إذا أكل مالي وأفنى شبابي وتفرق أهلي وكبر سني ظاهر مني، وقد ندم، فهل من شيء يجمعني وإياه تنعشني به يا رسول الله؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أراك إلا حرمت عليه). قالت: يا رسول الله، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً، وإنه أبو ولدي وأحب الناس إليّ، فقال: ما أراك إلا حرمت عليه، ـ وإذا أُغلق الباب من البشر فاللجوء إلى الله عز وجل ـ فقالت هذه المرأة: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي، قد طالت صحبتي ونفضت له بطني، فقال صلى الله عليه وسلم: ما أراك إلا حرمت عليه ولم أؤمر في شأنك بشيء. رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألم لوضعها، ولكنه صلى الله عليه وسلم محكوم بشريعة، وإذا لم يأت من الله عز وجل أمر فلا يحكم النبي صلى الله عليه وسلم. فجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت عليه، هتفت وقالت: أشكو إلى الله فاقتي وشدة حالي، يا رسول الله إن لي صبية صغاراً إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: اللهم إليك أشكو حالي، فأنزل الله عز وجل على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما}، وأنزل الله تعالى الحل لقضيتها، فكانت الكفارة، وهي تحرير رقبة، فإن لم يستطع فصيام ستين يوماً، وإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعتق رقبة. قالت: لا يجد قال: فيصوم شهرين متتابعين. قالت: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام قال: فليطعم ستين مسكيناً قالت: ما عنده من شيء يتصدق به. قالت: فأتي ساعتئذ بعرق من تمر فقالت: يا رسول الله فإني أعينه بعرق آخر قال: (قد أحسنت اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك). وفي رواية: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فأعطاه إياه وهو قريب من خمسة عشر صاعاً قال: تصدق بهذا قال: يا رسول الله على أفقر مني ومن أهلي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كله أنت وأهلك) [رواه أبو داود]. انظروا أيها الإخوة هذه هي صاحبة الدين، ولعلنا أن نعود مرة ثانية إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين)، والحمد لله رب العالمين.
|
||||
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |