طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدِ اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في اشْتِرَاطِ البَصَرِ في شَاهِدَيِ النِّكَاحِ.
الشَّافِعِيَّةُ قَالُوا: لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الأَعْمَى، لِأَنَّ الأَقْوَالَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِالمُعَايَنَةِ كَالسَّمَاعِ.
وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ تَصِحُّ شَهَادَةُ الأَعْمَى، إِذَا تَيَقَّنَا الصَّوْتَ تَيَقُّنًا لَا شَكَّ فِيهِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَهَذَا العَقْدُ لَا يَصِحُّ بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ، لِأَنَّ جُمْهُورَ الفُقَهَاءِ عِنْدَمَا قَالُوا بِجَوَازِ شَهَادَةِ الأَعْمَى قَيَّدُوا ذَلِكَ بِعِلْمِ الأَعْمَى صَوْتَ المُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ قَبْلِ التَّعَاقُدِ يَقِينًا، وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ جَارًا لَهُمَا، أَو شَرِيكًا لَهُمَا في عَمَلٍ أَو تِجَارَةٍ، أَو كَانَ ذَا قَرَابَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهُمَا؛ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ صَوْتَ المُتَعَاقِدَيْنِ يَقِينًا، وَتَيَقَّنَ في أَثْنَاءِ الأَدَاءِ مِنْ ذَلِكَ يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ، كَمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ يَرَاهُمَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |