طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدِ اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في حُكْمُ الدَّمِ الخَارِجِ بَيْنَ التَّوْأَمَينِ، هَلْ هُوَ نِفَاسٌ، أَمِ اسْتِحَاضَةٌ، أَمْ حَيْضٌ؟
ذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ وَالمَالِكِيَّةُ وَفي القَوْلِ الرَّاجِحِ عِنْدَ الحَنَابِلَةِ إلى أَنَّ نِفَاسَ أُمِّ التَّوْأَمَينِ يَبْدَأُ مِنْ نُزُولِ الوَلَدِ الأَوَّلِ، لِأَنَّ الدَّمَ بَعْدَ وِلَادَةِ الأَوَّلِ نِفَاسٌ.
فَإِنْ وُلِدَ الثَّانِي قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِ النِّفَاسِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ ـ وَهُوَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا ـ فَالنِّفَاسُ وَاحِدٌ، وَمَا زَادَ عَلَى الأَرْبَعِينَ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ.
وَإِنْ وُلِدَ الثَّانِي بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَلَا نِفَاسَ ثَانِيَ لَهَا، وَلَكِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَقْتَ وَضْعِ الثَّانِي، وَتُصَلِّي.
وَمَذْهَبُ السَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ النِّفَاسَ يَبْدَأُ مِنْ وَضْعِ الوَلَدِ الثَّانِي، لِأَنَّ مُدَّةَ النِّفَاسِ تَتَعَلَّقُ بِالوِلَادَةِ، فَكَانَ ابْتِدَاؤُهَا وَانْتِهَاؤُهَا مِنَ الثَّانِي، وَالدَّمُ الذي تَرَاهُ بَيْنَ وِلَادَةِ الأَوَّلِ وَوِلَادَةِ الثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ نِفَاسًا، بَلْ هُوَ اسْتِحَاضَةٌ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالدَّمُ الذي تَرَاهُ أُمُّ التَّوْأَمَينِ بَعْدَ وِلَادَةِ الأَوَّلِ يُعْتَبَرُ نِفَاسًا، وَإِذَا جَاءَ الثَّانِي قَبْلَ مُضِيِّ الأَرْبَعِينَ فَتُتَابِعُ نِفَاسَهَا ضِمْنَ الأَرْبَعِينَ مِنْ وِلَادَةِ الأَوَّلِ، وَإِنِ اسْتَمَرَّ الدَّمُ بَعْدَ وَضْعِ الثَّانِي إلى مَا بَعْدَ الأَرْبَعِينَ يُعْتَبَرُ اسْتِحَاضَةً.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ نِفَاسُ أُمِّ التَّوْأَمَينِ يَبْدَأُ بِوَضْعِ الوَلَدِ الثَّانِي وَالدَّمُ بَيْنَ الوَلَدِ الأَوَّلِ وَالثَّانِي دَمُ اسْتِحَاضَةٍ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |