طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالحَقُّ يُقَالُ: هَذَا الرَّجُلُ يُغَالِطُ النَّاسَ إِذْ يَقُولُ: اليَهُودُ وَالنَصَارَى يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ إلى آيَتَيْنِ في كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، في حَقِّ مَنْ آمَنَ بِسَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَصَدَّقَ التَّوْرَاةَ المُنَزَّلَةَ مِنَ اللهِ تعالى، وَعَمِلَ بِهَا، وَمَاتَ قَبْلَ بِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُغَيِّرْ وَلَمْ يُبَدِّلْ، وَفي حَقِّ مَنْ آمَنَ بِسَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَصَدَّقَ بِالإِنْجِيلِ المُنَزَّلِ مِنَ اللهِ تعالى، وَعَمِلَ بِهِ، وَمَاتَ قَبْلَ بِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ تعالى في حَقِّ هَؤُلَاءِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى الذينَ عَاشُوا في زَمَنِ أَنْبِيَائِهِمْ قَبْلَ بِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَكَلَامُ طَالِبِ العِلْمِ هَذَا إِنْ ثَبَتَ عَنْهُ، كَذِبٌ يُضَلِّلُ بِهِ عِبَادَ اللهِ تعالى، لِأَنَّ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ تَتَحَدَّثَانِ عَنِ الأُمَمِ السَّالِفَةِ التي أَطَاعَتْ أَمْرَ رَبِّهَا وَنَبِيِّهَا، وَلَمْ تُغَيِّرْ وَلَمْ تُبَدِّلْ، وَمَاتَتْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَهُمْ جَزَاءً الحُسْنَى، وَكَذَلِكَ الأَمْرُ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ في حَقِّ كُلِّ مَنِ اتَّبَعَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَهُ السَّعَادَةُ الأَبَدِيَّةُ، وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِ وَلَا يَحْزَنُ.
وَأَمَّا بَعْدَ بِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِنَ الخَالِدِينَ في نَارِ جَهَنَّمَ بِنَصِّ القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ أَيْ: بِنُبُوَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ﴿وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾.
وَيَقُولُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. فَهَذَا إِخْبَارٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالخَبَرُ مِنَ اللهِ تعالى لَا يَقْبَلُ النَّسْخَ، فَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ بِعْثَتِهِ فَهُوَ مِنَ الخَاسِرِينَ الهَالِكِينَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |