طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنه بحقٍّ تجرُّ معصيةٌ أخرى، والكبيرة تتبعها كبيرة أخرى، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا التوبة الصادقة.
هذا الأخ قد ارتكب كبيرة من الكبائر، ألا وهي إطعام الربا، لأن آكل الربا ومطعمه سواء كما جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَعَنَ الله آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَهُ وَكَاتِبَهُ) رواه الإمام أحمد.
وهذه الكبيرة دفعته لارتكاب كبيرة أخرى حيث أودع جزءاً من هذا المال في بنك ربوي كذلك، فصار معيناً للبنك الربوي على الإقراض، وربنا عز وجل يقول: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب}. ومن أعان عاصياً على معصية فقد عصى الله مثله. هذا أولاً.
ثانياً: إن الربح الذي حققه من هذا المال الربوي داخل في ملكه، لأن المال مضمون عليه، والقاعدة تقول: الخراج بالضمان، ولكن هذا الملك ملك حرام، لا تبرأ ذمته إلا بالتخلُّص منه، وذلك بإنفاقه على الفقراء، ولا يوضع في مسجد ولا يشترى به مصاحف ، ومن المعلوم بأنه لا أجر في ذلك، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَلا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ، وَلا يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلا كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، إِنَّ الْخَبِيثَ لا يَمْحُو الْخَبِيث) رواه الإمام أحمد. ولكن له أجر التوبة إن صدق في توبته وحقَّق شروطها.
ثالثاً: المال الحرام لا زكاة فيه لأنه يجب التخلُّص منه كليّاً بردِّه لأصحابه إن عُرِفوا، أو بصرفه للفقراء كما ذكرنا آنفاً، إنما الزكاة تجب في المال الحلال.
رابعاً: المحافظة على المال لا تكون بوضعها في مكان أعلن الله عز وجل الحرب على أهله، فأهل الربا مهدَّدون بقول الله تعالى: {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ}. وسبيل المحافظة على المال بأن تأخذ بالأسباب المشروعة لحفظه، والتي من جملتها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ) رواه الطبراني والبيهقي.
خامساً: لا يجوز إيداع الأموال في البنوك الربوية كما ذكرتُ أعلاه، وخاصة بعد وجود البنوك الإسلامية. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |