طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيح عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ) رواه مسلم.
ويقول حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يُحَرَّمُ عَلَيَّ؟ قَالَ: فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) رواه الإمام أحمد.
وعن عَبْدَ الله بْنَ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ، وَلا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) رواه أبو داود. أي ربح ما يبيع قبل القبض.
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلْعَةُ حَيْثُ تَبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ) رواه الحاكم. يعني وجود القبض، لأن البيع قبل القبض بيع غير صحيح لانفساخ العقد بتلفه.
وعَنْ جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: (نَهَى رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي) رواه ابن ماجه.
وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن بيع الطعام قبل قبضه لا يجوز، وقبضُه يكون باستيفائه بما يُقدَّر فيه من كيل أو وزن أو ذرع أو عدٍّ، هذا عند الشافعية والمالكية والحنابلة.
واشترط الشافعية بالإضافة إلى ذلك نقلَه وتحويلَه.
أما عند الحنفية فيكون قبض المنقول بالتناول باليد، أو بالتخلية على وجه التمكين، كما جاء في مجلة الأحكام العدلية: تسليم العروض يكون بإعطائها ليد المشتري أو بوضعها عنده، أو بإعطائه الإذن له بالقبض مع إراءتها له.
وبناء على ذلك:
فبيع المشتري القمح لصاحب المخزن بيع غير صحيح عند جمهور الفقهاء، لأنه ما تمَّ الوزن، ولا نقلُ القمح من مكانه، ولم ير المشتري القمح. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |