طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ البَيْعِ عِنْدَ الفُقَهَاءِ عَدَمُ اشْتِمَالِ العَقْدِ عَلَى الرِّبَا، لِأَنَّ البَيْعَ الذي فِيهِ رِبًا فَاسِدٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، بَاطِلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾.
وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ البَيْعُ خَالِيًا عَنْ شُبْهَةِ الرِّبَا وَاحْتِمَالِهِ، كَمَا جَاءَ في بَدَائِعِ الصَّنَائِعِ: (لِأَنَّ حَقِيقَةُ الرِّبَا كَمَا هِيَ مُفْسِدَةٌ لِلْعَقْدِ فَاحْتِمَالُ الرِّبَا مُفْسِدٌ لَهُ أَيْضًا، ولِأَنَّ الشُّبْهَةَ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ فِي بَابِ الْحُرُمَاتِ احْتِيَاطًا، وَأَصْلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِوَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (الْحَلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، فَدَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُبْطِلٌ للعَقْدِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ وَمُفْسِدٌ لَهُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ المُشْتَرِي يَعْلَمُ بِأَنَّهُ لَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ دَفْعِ الأَقْسَاطِ، فَلَا اعْتِبَارَ لِهَذَا العِلْمِ وَلَنْ يُغَيِّرَ مِنْ حُكْمِ العَقْدِ شَيْئًا.
فَالعَقْدُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ بَاطِلٌ، وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ فَاسِدٌ.
وَالعَقْدُ الفَاسِدُ يَجِبُ فَسْخُهُ، لِأَنَّ الفَاسِدَ يُفِيدُ مِلْكًا خَبِيثًا، وَلَا يُشْتَرَطُ في فَسْخِهِ قَضَاءُ قَاضٍ، لِأَنَّ الوَاجِبَ شَرْعًا لَا يَحْتَاجُ إلى قَضَاءٍ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |