طباعة |
707ـ خطبة الجمعة: وقفة صدق مع الله تعالى | |
707ـ خطبة الجمعة: وقفة صدق مع الله تعالى مقدمة الخطبة: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: وَقَفْنَا قَبْلَ بِضْعِ جُمَعٍ في أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، في يَوْمِ الجُمُعَةِ الأَغَرِّ اسْتَقْبَلْنَا هَذَا الشَّهْرَ العَظِيمَ المُبَارَكَ، وَهَا نَحْنُ اليَوْمَ مَرَّةً أُخْرَى في يَوْمِ الجُمُعَةِ الأَغَرِّ نُوَدِّعُ شَهْرَ الخَيْرَاتِ وَالإِحْسَانِ، شَهْرَ الرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ وَالعِتْقِ مِنَ النَّارِ، نُوَدِّعُ يَوْمَ الجُمُعَةِ شَهْرَ القُرْآنِ وَالذِّكْرِ كَمَا اسْتَقْبَلْنَاهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ. وِقْفَةٌ تُثِيرُ مَشَاعِرَ الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ الحَقِّ، وَتُحَرِّكُ كَوَامِنَ قَلْبِهِ، وَتُهَيِّجُ عَوَاطِفَهُ الإِيمَانِيَّةَ وَمَشَاعِرَهُ الإِسْلَامِيَّةَ، هَا هُوَ هَذَا الشَّهْرُ العَظِيمُ الذي نُودِيَ فِيهِ عَلَيْنَا: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، يُوَدِّعُنَا اليَوْمَ، اسْتَقْبَلْنَاهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهُوَ يُوَدِّعُنَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَلَا تَتَأَلَّـمُوا لِرَحِيلِ رَمَضَانَ، وَلَكِنْ لِنَتَأَلَّمْ لِرَحِيلِنَا مِنَ الدُّنْيَا وَنَحْنُ مَا اغْتَنَمْنَا أَنْفَاسَ أَعْمَارِنَا في حُسْنِ الإِقْبَالِ عَلَى اللهِ تعالى. عِنْدَمَا كُنَّا نَتَقَلَّبُ بِالنِّعَمِ شَغَلَتْنَا النِّعَمُ عَنِ المُنْعِمِ، وَالكَثِيرُ مَنْ تَجَرَّأَ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، وَعِنْدَمَا تَقَلَّبْنَا بِالمَصَائِبِ وَالابْتِلَاءَاتِ شَغَلَتْنَا الابْتِلَاءَاتُ وَالمَصَائِبُ عَنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾. نَعَمْ يَا عِبَادَ اللهِ: المُصِيبَةُ الكُبْرَى إِذَا شَغَلَتْنَا النِّعَمُ عَنِ المُنْعِمِ فَلَمْ نَشْكُرْ، وَالمُصِيبَةُ الأَكْبَرُ إِذَا شَغَلَتْنَا المَصَائِبُ وَالابْتِلَاءَاتُ عَنِ التَّضَرُّعِ وَالصَّبْرِ. السَّعِيدُ مَنِ اغْتَنَمَ فُرْصَةَ العُمُرِ: يَا عِبَادَ اللهِ: السَّعِيدُ مَنِ اغْتَنَمَ فُرْصَةَ العُمُرِ قَبْلَ ذَهَابِهِ، وَحَاسَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ قِرَاءَةِ كِتَابِهِ، وَرَاقَبَ مَوْلَاهُ مُرَاقَبَةً مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَرَاهُ في ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ. السَّعِيدُ مَنْ تَدَبَّرَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾. السَّعِيدُ مَنْ تَدَبَّرَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾. وِقْفَةُ صِدْقٍ مَعَ اللهِ تعالى، وَمَعَ أَنْفُسِنَا: يَا عِبَادَ اللهِ: هَلُمُّوا وَنَحْنُ في الجُمُعَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، حَيْثُ يُوَدِّعُنَا هَذَا الشَّهْرُ وَنُوَدِّعُهُ، هَلُمُّوا إلى أَنْ نَقِفَ وِقْفَةَ صِدْقٍ مَعَ اللهِ تعالى، وَمَعَ أَنْفُسِنَا: 1ـ هَلْ أَدَّيْنَا العِبَادَةَ عَلَى الوَجْهِ الصَّحِيحِ؟ 2ـ هَلْ شَكَرْنَا عِنْدَ الرَّخَاءِ وَصَبَرْنَا عِنْدَ البَلَاءِ؟ 3ـ هَلْ حَسُنَتْ أَخْلَاقُنَا أَمْ سَاءَتْ في هَذِهِ الأَزْمَةِ؟ 4ـ هَلْ أَحْسَنَّا الظَّنَّ بِاللهِ تعالى بِأَنَّهُ سَيَكْشِفُ عَنَّا مَا أَهَمَّنَا وَأَغَمَّنَا وَكَرَبَنَا وَأَخَافَنَا وَأَحْزَنَنَا، أَمْ أَنَّ هَذَا لَنْ يَنْكَشِفَ؟ 5ـ هَلْ قَدَّمْتَ مَا يَجْعَلُكَ تَأْمَلُ بِهِ أَنْ تَكُونَ مِنَ المُعْتَقِينَ مِنَ النَّارِ، وَبِأَنَّ اللهَ تعالى قَدْ غَفَرَ ذَنْبَكَ؟ 6ـ هَلْ عَزَمْتَ عَلَى أَنْ لَا تَأْكُلَ إِلَّا الحَلَالَ؟ 7ـ هَلْ عَزَمْتَ عَلَى أَنْ لَا تُجَامِلْ عَلَى حِسَابِ دِينِكَ؟ خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ: يَا عِبَادَ اللهِ: رَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ: فَتَشَبَّهُوا إِنْ لَمْ تَكُونُوا مِثْلَهُمْ *** إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالكِرَامِ فَلَاحُ هَلُمُّوا لِأَنْ نَتَشَبَّهَ بِالصَّالِحِينَ، فَهَذَا سَيِّدُنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى يَكْتُبُ إلى الأَمْصَارِ بِمُنَاسَبَةِ آخِرِ رَمَضَانَ كَمَا جَاءَ في لَطَائِفِ المَعَارِفِ قَالَ: قُولُوا كَمَا قَالَ أَبُوكُمْ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. وَقُولُوا كَمَا قَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. وَقُولُوا كَمَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾. وَقُولُوا كَمَا قَالَ ذُو النُّونِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا يُرْضِيكَ عَنَّا، وَتَقَبَّلْ مِنَّا الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالقِيَامَ وَتِلَاوَةَ القُرْآنِ. آمين. أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. ** ** ** تاريخ الخطبة: الجمعة: 29/ رمضان /1441هـ، الموافق: 22/ أيار / 2020م |
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |