طباعة |
25ـ هنيئًا لكم أيها الصائمون القائمون | |
25ـ هنيئًا لكم أيها الصائمون القائمون مقدمة الكلمة: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾. فَاللهُ سُبْحَانَهُ وتعالى ذُو الطَّوْلِ وَالفَضْلِ وَالإِحْسَانِ، يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ مَا يَشَاءُ، في أَيِّ مَكَانٍ شَاءَ، وَفي أَيِّ زَمَانٍ شَاءَ، لَا يَمْنَعُهُ مَانِعٌ مِنْ إِيصَالِ فَضْلِهِ وَنِعْمَتِهِ إلى مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ. وَمَا دَامَ الفَضْلُ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَنْ يَخْلُصَ أَحَدٌ إلى الجَنَّةِ وَإِنْ عَمِلَ أَيِّ عَمَلٍ إِلَّا بِفَضْلِ اللهِ تعالى وَرَحْمَتِهِ التي يَخْتَصُّ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، فَنَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ أَنْ تَجْعَلَنَا مِمَّنِ اخْتَصَصْتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَأَنْ نَكُونَ بِمَعِيَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الحَقِيقَةَ، فَقَالَ: «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ». قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لَا، وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ آتَانَا اللهُ تعالى مِنْ فَضْلِهِ وَاللهِ مَا لَا يَخْطُرُ بِبَالٍ، فَهُوَ الذي مَنَّ عَلَيْنَا وَهَدَانَا للإيمَانِ ﴿قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. فَلَهُ الحَمْدُ وَالفَضْلُ وَالمِنَّةُ، وَهُوَ الذي حَبَّبَهُ إِلَيْنَا مَعَ هِدَايَتِنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ﴾. وَإِضَافَةً إلى ذَلِكَ ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾. وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ حُرِمَ هَذِهِ النِّعْمَةَ، وَهَذَا الفَضْلَ وَالمِنَّةَ؟ وَهُوَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ مَنَّ عَلَيْنَا بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَنَا مِنْ أُمَّتِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. فَلَهُ الحَمْدُ وَالفَضْلُ وَالمِنَّةُ أَنْ جَعَلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَظَّنَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَجَعَلَنَا حَظَّهُ مِنَ الأُمَمِ. وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ حُرِمَ هَذِهِ النِّعْمَةَ، وَهَذَا الفَضْلَ وَالمِنَّةَ؟ وَهُوَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ مَنَّ عَلَيْنَا بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَاصْطَفَانَا لِحَمْلِهِ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾. فَلَهُ الحَمْدُ وَالفَضْلُ وَالمِنَّةُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ العَظِيمَةِ. وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ حُرِمَ هَذِهِ النِّعْمَةَ، وَهَذَا الفَضْلَ وَالمِنَّةَ؟ هَلُمُّوا لِتَقْدِيرِ نِعْمَةِ اللهِ تعالى عَلَيْنَا وَالمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِنَ الضَّيَاعِ، بِسَبَبِ المَعَاصِي وَالمُخَالَفَاتِ، رَوَى أَبُو يَعْلَى عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَحْسِنُوا جِوَارَ نِعَمِ اللهِ، لَا تُنَفِّرُوهَا، فَقَلَّمَا زَالَتْ عَنْ قَوْمٍ فَعَادَتْ إِلَيْهِمْ». هَنِيئًا لَكُمْ أَيُّهَا الصَّائِمُونَ القَائِمُونَ: أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اسْمَحُوا لِي أَنْ أُهَنِّئَكُمْ في هَذَا الصَّبَاحِ المُبَارَكِ، وَأَقُولَ لَكُمْ: هَنِيئًا يَا مَنْ طَرَقَ مَسَامِعَكُمْ كَلَامُ اللهِ تعالى سَائِرَ عُمُرِكُمْ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ السُّوَيْعَاتِ، هَنِيئًا لَكُمْ قَوْلُهُ تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾. وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. هَنِيئًا لَكُمْ يَا مَنْ سَجَدْتُمْ للهِ تعالى، وَلَمْ تَسْجُدْ جِبَاهُكُمْ لِسِوَاهُ، وَأَرْجُو اللهَ تعالى لِي وَلَكُمُ الإِخْلَاصَ، لِنَفُوزَ بِمَعِيَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِسِرِّ هَذَا السُّجُودِ. أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. هَنِيئًا لَكُمُ السَّاعَةَ حِينَ تَنْصَرِفُونَ بِبِشَارَةِ اللهِ تعالى في الحَدِيثِ: «فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ». قَالَ: «يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ اللهَ، لَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَهُ، إِلَّا نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُمْ، قَدْ بُدِّلَتْ سَيِّئَاتُكُمْ حَسَنَاتٍ». فَدُومُوا عَلَى ذِكْرِ اللهِ تعالى، وَتِلَاوَةِ القُرْآنِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَاسْمَعُوا قَوْلَ القَائِلِ: لَوْ يَـعْـلَمُ العَبْدُ مَا فِي الذِّكْرِ مِنْ شَرَفٍ *** أَمْضَى الحَيَاةَ بِتَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلِ لَوْ يَعْلمُ النَّاسُ مَا في الشُّكْرِ مِنْ شَرَفٍ *** لَمْ يُلْهِهِمْ عَنْهُ تَجْمِيعُ الـدَّنانيرِ أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. هَنِيئًا لَكُمْ يَا مَنْ سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللهِ تعالى عَنْ أُولِي الأَلْبَابِ: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾. هَنِيئًا لَكُمْ هَذِهِ الاسْتِجَابَةُ، وَأَبْشِرُوا بِإِذْنِ اللهِ تعالى بِوَعْدِ اللهِ الذي لَا يُخْلَفُ، حَيْثُ قَالَ: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ﴾. أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. هَنِيئًا لَكُمْ يَا مَنْ عَرَفْتُمْ أَنَّ الطَّرِيقَ إلى الجَنَّةِ مَحْفُوفَةٌ بِالمَكَارِهِ فَسَلَكْتُمَوهَا، وَلَمْ تَسْلُكُوا طَرِيقَ النَّارِ التي حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ». أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. هَنِيئًا لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ وَأَيَّتُهَا الشَّابَّاتُ، فَهَذِهِ الأَرْضُ سَتَشْهَدُ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ، وَغَيْرُكُمْ حُرِمَ هَذِهِ النِّعْمَةَ، وَنَسِيَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾. هَنِيئًا لَكُمُ الخَيْرُ الذي يَنْتَظِرُكُمْ. أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. هَنِيئًا لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ وَأَيَّتُهَا الشَّابَّاتُ، ثَبَاتُكُمْ عَلَى الحَقِّ، في زَمَنٍ قَلَّ فِيهِ الثَّابِتُونَ، هَنِيئًا لَكُمْ وِقَايَتُكُمْ مِنَ الفِتَنِ، إِذْ لَمْ تَقْتَرِبُوا مِنْهَا، وَإِنْ شَاءَ اللهُ تعالى انْدَرَجْتُمْ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَهَذَا يَشْمَلُ المَرْأَةَ، فَنِلْتُمُ البِشَارَةَ النَّبَوِيَّةَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ». أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. هَنِيئًا لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ وَأَيَّتُهَا الشَّابَّاتُ، بِحِفْظِ فُرُوجِكُمْ عَنِ الحَرَامِ، فَكُنْتُمْ مِنَ المُفْلِحِينَ بِإِذْنِ اللهِ تعالى، بِشَهَادَةِ اللهِ تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾. وَبِكَلَامِ الصَّادِقِ الأَمِينِ «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. هَنِيئًا لَكُمْ يَا أَهْلَ الصِّيَامِ وَيَا أَهْلَ القُرْآنِ شَفَاعَةُ الصِّيَامِ وَالقُرْآنِ لَكُمْ، رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ» قَالَ: «فَيُشَفَّعَانِ». أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. هَنِيئًا لَكُمْ يَا مَنْ سَلَكْتُمْ طَرِيقَ الأَحْرَارِ، فَلَمْ تَكُونُوا عَبِيدًا لِدِينَارٍ وَلَا لِدِرْهَمٍ وَلَا لِنِسَاءٍ وَلَا لِمَلِكٍ وَلَا لِجَاهٍ وَلَا لِسُلْطَانٍ، هَنِيئًا لَكُمْ عُبُودِيَّتُكُمْ للهِ تعالى، فَأَضَافَكُمْ إلى ذَاتِهِ القُدْسِيَّةِ، وَجَعَلَ لَكُمْ مَوَدَّةً في قُلُوبِ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾. وَحَفِظَكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَخَاطَبَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾. وَغَيْرُكُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ وَالشَّابَّاتُ كَانُوا مِنْ حِزْبِ الشَّيْطَانِ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا فَهُمْ مِنْ أَهْلِ السَّعِيرِ، ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾. وَسَوْفَ يَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ: أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: في الخِتَامِ أَقُولُ: هَنِيئًا لَكُمْ يَا مَنْ أَدْرَكْتُمْ عَظَمَةَ خَالِقِكُمْ، فَكُنْتُمْ لَهُ رَاكِعِينَ سَاجِدِينَ، خَاشِعِينَ، مَا أَوْسَعَ مَدَارِكَكُمْ، وَمَا أَصْفَى عُقُولَكُمْ. بِحَقٍّ يَا أَهْلَ الطَّاعَةِ مِنَ الشَّبَابِ وَالشَّابَّاتِ وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِنَّكُمْ مِنْ أُولِي الأَلْبَابِ، امْتَدَّتْ آفَاقُ أَنْظَارِكُمْ إلى هَذَا الكَوْنِ فَلَمْ تَجِدُوا فِيهِ غَيْرَ رَبِّكُمْ، فَأَقْبَلْتُمْ عَلَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾. هَنِيئًا لَكُمْ يَا مَنْ قُلْتُمْ: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. هَنِيئًا لَكُمْ حُبُّكُمْ للهِ تعالى، وَحُبُّكُمْ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ أَنَّ جَزَاءَ المُحِبِّ أَنْ يُحَبَّ، قَالَ تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾. وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ». وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟». قَالَ: حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ. أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى يَزِيدَنَا مِنْهَا. آمين. ** ** ** تاريخ الكلمة: الأربعاء: 26/ رمضان /1443هـ، الموافق: 27/نيسان / 2022م |
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |