215ـ السعيد له دستور

كلمة شهر المحرم 1446

215ـ السعيد له دستور

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الرِّفْقُ وَاللِّينُ مَا وُجِدَا في شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَمَا فُقِدَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ، فَاللِّينُ في الكَلَامِ وَالْتِزَامُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾. وَقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. لَا يَسْتَطِيعُهُ إِلَّا السُّعَدَاءُ الذينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الحُسْنَى.

فَالمُؤْمِنُ كَالنَّحْلَةِ، تَأْكُلُ طَيِّبًا وَتَضَعُ طَيِّبًا، وَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى زَهْرَةٍ لَا تَكْسِرُهَا، وَاللهُ تعالى يُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ وَاللِّينِ في الكَلَامِ مَا لَا يُعْطِيهِ عَلَى العُنْفِ وَقَسْوَةِ الكَلَامِ وَسُوءِ الأَخْلَاقِ.

السَّعِيدُ دُنْيَا وَأُخْرَى لَهُ دُسْتُورٌ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: السَّعِيدُ دُنْيَا وَأُخْرَى لَهُ دُسْتُورٌ يَسِيرُ عَلَيْهِ في حَيَاتِهِ الدُّنْيَا، أَلَا وَهُوَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

السَّعِيدُ دُنْيَا وَأُخْرَى دُسْتُورُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

دُسْتُورُهُ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: حَقٌّ عَلَى أَهْلِ الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ أَنْ يَسْلُكُوا مَسَالِكَ الرِّفْقِ وَاللِّينِ وَخَاصَّةً في الكَلَامِ بِلَا مُدَاهَنَةٍ وَلَا مُجَافَاةٍ للحَقِّ وَالطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ، وَذَلِكَ لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: المُسْلِمُ المُؤْمِنُ السَّعِيدُ هُوَ مَنِ اتَّصَفَ بِاللِّينِ وَالرِّفْقِ وَالتَّلَطُّفِ مَعَ النَّاسِ، وَاقْتَدَى بِمَنْ خَاطَبَهُ مَوْلَانَا العَظِيمُ في كِتَابِهِ العَزِيزِ: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللِه لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾.

اقْتَدَى بِمَنْ قَالَ اللهُ تعالى لَهُ: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾.

في الخِتَامِ: حُكِيَ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا عَادَانِي أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا أَخَذْتُ في أَمْرِي بِإِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: إِنْ كَانَ أَعْلَى مِنِّي عَرَفْتُ لَهُ قَدْرَهُ، وَإِنْ كَانَ دُونِي رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ نَظِيرِي تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ.

يَا رَبِّ لَا تَحْرِمْنَا نِعْمَةَ الرِّفْقِ وَاللِّينِ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 1/ محرم /1446هـ، الموافق: 7/تموز / 2024م