طباعة |
926ـ خطبة الجمعة: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم (2) | |
926ـ خطبة الجمعة: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم (2) مقدمة الخطبة: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. فَيَا عِبَادَ اللهِ: العَارُ كُلُّ العَارِ أَنْ لَا يَعْرِفَ الإِنْسَانُ المُسْلِمُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ عَرَفَهُ حَقَّ المَعْرِفَةِ لَمْ يَرْتَبْ وَلَمْ يَشُكَّ في صِدْقِهِ وَفي صِدْقِ مَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّزْكِيَةِ للنُّفُوسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ. مَعْرِفَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تُوجِبُ عَلَى الْعَبْدِ المُبَادَرَةَ إلى الإِيمَانِ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْمِنٍ، وَزِيَادَةِ الإِيمَانِ وَالمَحَبَّةِ وَالاتِّبَاعِ إِنْ كَانَ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وُجُوبُ التَّعَرُّفِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ خِلَالِ القُرْآنِ العَظِيمِ: يَا عِبَادَ اللهِ: يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ مِنْ بَنِي الإِنْسَانِ أَنْ يَتَفَكَّرَ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُمْتَثِلًا أَمْرَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحَاثِّ عَلَى تَدَبُّرِ أَحْوَالِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾. أَيْ: أُذَكِّرُكُمْ وَأُحَذِّرُكُمْ سُوءَ عَاقِبَةِ مَا أَنْتُمْ فِيهِ، بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، بِخَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ، أَنْ تَقُومُوا إلى طَلَبِ الحَقِّ وَالبَحْثِ عَنْهُ، وَاحِدًا وَاحِدًا، أَوْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا هَلْ جَرَّبْتُمْ عَلَى نَبِيِّكُمْ رَسُولِكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي هُوَ صَاحِبُكُمْ وَتَعْرِفُونَهُ مِنْ يَوْمِ مَوْلِدِهِ إلى يَوْمِ بِعْثَتِهِ، هَلْ جَرَّبْتُمْ عَلَيْهِ إِلَّا صِدْقًا، وَهَلْ رَأَيْتُمْ فِيهِ جِنَّةً، أَوْ فَسَادًا، أَوْ سِحْرًا، أَوْ طَمَعًا فِيمَا في أَيْدِيكُمْ، أَوْ هَلْ تَقْدِرُونَ عَلَى مُعَارَضَتِهِ في سُورَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا عَرَفْتُمْ صِدْقَهُ وَوَفَاءَهُ وَأَمَانَتَهُ وَزُهْدَهُ وَوَرَعَهُ وَحِرْصَهُ عَلَيْكُمْ، فَمَا بَالُ هَذِهِ المُعَانَدَةِ؟! فَصَاحِبُكُمْ وَرَسُولُكُمْ وَنَبِيُّكُمْ ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾. يَا عِبَادَ اللهِ: تَعَرَّفُوا عَلَى رَسُولِكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَاعْرِفُوا مُهِمَّتَهُ نَحْوَكُمْ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ، حَيْثُ عَمَّ الفَسَادُ وَطَمَّ، وَكَثُرَتِ الفِتَنُ وَالهَرْجُ وَالمَرْجُ، فَمُهِمَّتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْذِرَكُمْ وَيُحَذِّرَكُمْ مِنْ حَيَاةِ الشَّقَاءِ في الدُّنْيَا، وَمِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ الذي يَنْتَظِرُ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. نَعَمْ لَقَدْ كَانَ نَذِيرًا للأُمَّةِ وَنِعْمَ النَّذِيرُ، نَعَمْ لَقَدْ كَانَ حَرِيصًا عَلَى النَّاسِ جَمِيعًا حَتَّى يُنْقِذَهُمْ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَكِنْ وَبِكُلِّ أَسَفٍ، كَمْ مِنْ سَالِكٍ مَسْلَكَ أَبِي لَهَبٍ، وَقَائِلٍ بِلِسَانِ حَالِهِ أَوْ مَقَالِهِ قَوْلَةَ أَبِي لَهَبٍ. رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: «يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ» ـ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ ـ حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟». قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا. قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾. خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ: وَاللهِ يَا عِبَادَ اللهِ، لَقَدْ جَاءَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيُسْعِدَنَا وَيُسْعِدَ البَشَرِيَّةَ جَمْعَاءَ، جَاءَ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، آمِرًا وَنَاهِيًا، لَا يُرِيدُ مَالًا، وَلَا مَكَانَةً، وَلَا سِيَادَةً، وَلَا رِيَادَةً عَلَى أَحَدٍ. فَكِّرُوا يَا عِبَادَ اللهِ بِعُقُولٍ مُنْصِفَةٍ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ، وَنَهَاكُمْ عَنْهُ، هَلْ يَعُودُ خَيْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمْ عَلَيْكُمْ؟ يَا عِبَادَ اللهِ: أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا تَبَارَكَ وتعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ، حِكَايَةً عَنْ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾. أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَفي الخِتَامِ يَا عِبَادَ اللهِ: احْفَظُوا جَيِّدًا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. يَا رَبِّ، عَرِّفْنَا قَدْرَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ. آمين. أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. ** ** ** تاريخ الخطبة: الجمعة: 10/ ربيع الأول /1446هـ، الموافق: 13/ أيلول / 2024م |
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |