طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
جَاءَ في حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ في بَابِ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ، أَنَّهُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ حَاسِرُ الرَّأْسِ تَكَاسُلًا، بِأَنِ اسْتَثْقَلَ تَغْطِيَتَهُ وَلَمْ يَرَهَا أَمْرًا مُهِمًّا فِي الصَّلَاةِ فَتَرَكَهَا لِذَلِكَ؛ وَأَصْلُ الْكَسَلِ تَرْكُ الْعَمَلِ لِعَدَمِ الْإِرَادَةِ، فَلَوْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ فَهُوَ الْعَجْزُ؛ وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ تَذَلُّلًا، وَكَلِمَةُ لَا بَأْسَ إِشَارَةٌ إلى أَنَّ الأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، وَأَنْ يَتَذَلَّلَ وَيَخْشَعَ بِقَلْبِهِ، لِأَنَّ التَّذَلُّلَ وَالخُشُوعَ مِنْ أَفْعَالِ القَلْبِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
سَتْرُ الرَّأْسِ يَكُونُ بِالعِمَامَةِ أَوِ القُلُنْسُوَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِالعِمَامَةِ فَقَطْ. هذا، والله تَبَارَكَ وتعالى أعلم.
أَمَّا شَكْلُ العِمَامَةِ: فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى الرَّأْسِ وَيُسْدِلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ وَتُسَمَّى (القِعَاطَةَ).
وَإِمَّا أَنْ تُلَفَّ عَلَى الرَّأْسِ دُونَ التَّلَحِّي بِهَا وَتُسَمَّى (الاعْتِجَارُ).
وَإِمَّا أَنْ يُرْخِيَ طَرَفَيْهَا مِنْ نَاحِيَتَيِ الرَّأْسِ وَتُسَمَّى (الزَّوْقَلَةُ).
وَإِمَّا أَنْ تُلَاثَ عَلَى الرَّأْسِ وَلَا تُسْدَلَ عَلَى الظَّهْرِ وَلَا تُرَدَّ تَحْتَ الْحَنَكِ وَتُسَمَّى (الْقَفْدَاءُ).
أَمَّا صِفَةُ عَمَائِمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: فَقَدْ رَوَى الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَخْبَارًا تَتَعَلَّقُ بِعِمَامَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَصَّتْ عَلَى لَوْنِهَا وَشَكْلِهَا وَنَوْعِهَا.
مِنْهَا مَا رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
وَالعِمَامَةُ بِهَذَا اللَّوْنِ اسْتَعْمِلَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ الخَطَابَةِ، وَمَا رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
وَكَانَتْ لِعِمَامَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَذَبَةٌ وَكَانَ يُسْدِلُهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَمَا رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. هذا، والله تَبَارَكَ وتعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |