طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى اسْتِحْبَابِ الإِكْثَارِ مِنَ العُمْرَةِ، وَلَا يُكْرَهُ تَكْرَارُهَا في السَّنَةِ الوَاحِدَةِ، للأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ في فَضْلِ العُمْرَةِ وَالحَثِّ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَحَادِيثُ مُطْلَقَةُ تَتَنَاوَلُ تَكْرَارَ العُمْرَةِ وَتَحُثُّ عَلَيْهَا.
مِنْهَا مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ».
وَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَالنَّسَائِيُّ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللهِ، إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ، وَإِنِ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ».
وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةُ».
وَالمَشْهُورُ عِنْدَ المَالِكِيَّةِ كَرَاهَةُ تَكْرَارِ العُمْرَةِ في السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَمَحَلُّ الكَرَاهَةِ عِنْدَهُمْ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ دُخُولُ مَكَّةَ مِنْ مَوْضِعٍ عَلَيْهِ في إِحْرَامٍ، وَدَلِيلُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُكَرِّرْهَا في عَامٍ وَاحِدٍ.
هَذَا حُكْمُ تَكْرَارِ العُمْرَةِ في السَّنَةِ الوَاحِدَةِ.
أَمَّا حُكْمُهُ في السَّفْرَةِ الوَاحِدَةِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ إِذَا أَمْكَنَ المُوسَى مِنْ شَعْرِهِ.
وَسَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُبَيِّنُ التَّكْرَارَ بِقَوْلِهِ: في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةٌ.
وَيَقُولُ الإِمَامُ أَحْمَدُ: إِذَا اعْتَمَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ، وَفِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُ حَلْقُ الرَّأْسِ.
وَالأَوْلَى وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ: أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الطَّوَافِ في السَّفْرَةِ الوَاحِدَةِ لِأَنَّ إِقَامَتَهُ في مَكَّةَ أَيَّامًا مُتَعَدِّدَةً رُبَّمَا لَا تَزِيدُ عَنْ شَهْرٍ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |