طباعة |
2ـ نحو أسرة مسلمة: نتائج سوء اختيار الزوجين | |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فجزى الله عنا سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم خير ما جزى نبياً عن أمته، فلقد تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. جزاه الله عنا خير الجزاء لأنه صلى الله عليه وسلم ما ترك لنا أمراً فيه صلاحنا إلا بينه لنا، ودلنا عليه، وأمرنا به. وما ترك لنا أمراً فيه فسادنا إلا بينه لنا، وحذرنا منه. فجزاه الله عنا خير الجزاء، فلقد أدى صلى الله عليه وسلم للأمة ما حُمِّله، وبقي علينا ما حُمِّلناه، {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين}. فنسألك يا ربنا أن توفقنا لطاعتك، ولطاعة رسولك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى نهتدي إلى سعادة الدارين، برضاك عنا، وإنا نشهد يا ربنا بأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بلَّغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الغمة. إخوتي وأحبائي في الله: عرفنا في المقال السابق أن من سعادتنا انتقاء المرأة الصالحة لأنفسنا ولأبنائنا ولمن نريد تزويجهم من الرجال، وانتقاء الرجل الصالح لبناتنا ولأخواتنا ولمن نريد تزويجها من محارمنا ونساء المؤمنين. وعلينا أن نعلم أن من شقاء الرجل سوء اختيار الزوجة لنفسه أو لولده أو لمن أراد تزويجه، والعكس بالعكس كذلك، تدبر قول الله عز وجل في سورة البقرة: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون}. أمَة مؤمنة بالله ورسوله، ولو كانت رقيقة وضيعة سوداء، أفضل من حرة مشركة وإن كرم أصلها، وإن أعجبك حسنها ومالها ونسبها، إذ بالإيمان كمال الدين والدنيا معاً، أما المال والجاه والجمال فكمالٌ للدنيا وخرابٌ للدين، ورعاية الدين وما يستتبعه من دنيا أولى من رعاية الدنيا. وعبد مؤمن بالله ورسوله ولو كان رقيقاً وضيعاً أسود، أفضل من حر مشرك وإن كرم أصله وأعجبك حسنه ونسبه وماله وشرفه. روى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل). وروى الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلاً، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقراً، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة ، ومن تزوج امرأة لم يتزوجها إلا ليغض بصره أو ليحصن فرجه ، أو يصل رحمه بارك الله له فيها ، وبارك لها فيه). وروى الدارقطني في الأفراد والرامهرمزي في الأمثال عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم وخضراء الدمن). فقيل: وما خضراء الدمن؟ قال: (المرأة الحسناء في المنبت السوء) قال الدارقطني: تفرد به الواقدي وهو ضعيف. وروى الترمذي عن أبي حاتم المزني رضي الله عنه عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد). قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) ثلاث مرات. والمقصود في دين الرجل والمرأة الالتزام بدين الله سلوكاً وعملاً، والتزاماً بفضائله السامية وآدابه الرفيعة، وتطبيقاً للمنهج الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بتحليل الحلال وتحريم الحرام والوقوف عند الحدود. وليس المقصود في دين الرجل والمرأة الانتماء فقط، والتظاهر بالإسلام في الجلوة والتخلي عنه عند الخلوة. ولننظر إلى سيدنا عمر رضي الله عنه وهو يضع الموازين الشرعية في معرفة الأشخاص: جاء رجل يشهد لرجل آخر في حضرة سيدنا عمر رضي الله عنه، فقال له عمر رضي الله عنه: أتعرف هذا الرجل؟ قال: نعم. قال: هل أنت جاره تعرف مدخله ومخرجه؟ قال: لا. قال: هل صاحبته في السفر الذي تُعرف به مكارم الأخلاق؟ قال: لا. قال: هل عاملته بالدينار والدرهم الذي يُعرف به ورع الرجال؟ قال: لا. قال له: لعلك رأيته في المسجد قائماً قاعداً، يرفع رأسه تارة ويخفضه أخرى؟ فقال الرجل: نعم. قال له عمر رضي الله عنه: اذهب فإنك لا تعرفه. والتفت إلى الرجل وقال: ائتني بمن يعرفك. فسيدنا عمر رضي الله عنه عرَّفنا على الموازين الصحيحة في معرفة الرجال، وعرفنا على أصحاب الدين المعرفة الصحيحة. فالمرأة صاحبة الدين والخلق هي التي تعرف حق الله عليها فتؤديه، وتعرف حق الزوج فتؤديه، وتعرف حق الولد فتؤديه. أما غيرها فلا تعرف حق الله ولا حق الزوج، ولا حق الولد، بل تعرف حظوظها وأهواءها وشهواتها. وكذلك صاحب الدين والخلق هو الذي عرف حق الله فأداه، وعرف حق الزوجة فأداه، وعرف حق الولد فأداه، هو الذي إذا أحب المرأة أكرمها، وإذا كرهها لم يظلمها، بل عاشرها بالمعروف طمعاً بالخير العظيم الموعود به من الله تعالى، وذلك من خلال قوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً}. أما غيره من الرجال فلا يعرف حق الله تعالى، ولا حق زوجته، ولا حق ولده، فهو مضيع الحقوق، منساق خلف شهواته، فأي سعادة يسعى لتحقيقها في حياته الزوجية والأسروية؟ فسوء اختيار كل من الزوجين لصاحبه له ضرر على الطرف الآخر والأولاد عاجلاً أم آجلاً، ولننظر إلى نتائج سوء اختيار الزوجة أولاً: أولاً: لا تحقق لك السكن النفسي الذي تنشده من خلال قوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها}. صاحبة الدين والخلق تحقق لك السكن، أما غيرها فلا، لأن صلتها مع الله ضعيفة، فهي لا تهتم كثيراً بالوعيد (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةً: رجل أمَّ قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، ورجل سمع حي على الفلاح ثم لم يجب) رواه الترمذي عن سيدنا أنس رضي الله عنه. ولا تهتم كثيراً بقوله صلى الله عليه وسلم: (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله) رواه ابن ماجه عن أبي أمامة. وصاحبة المنبت السوء لا تفكر في حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت) رواه ابن حبان والإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. ولا في قوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) رواه الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها. ثانياً: صاحبة المال مع قلة الدين إن أنفقت شيئاً من مالها على زوجها أو ولدها فإن تمنّ بالعطية، وتشعر زوجها بأن يدها هي العليا، وتنظر إلى زوجها نظرة استعلاء، مما يجعل زوجها في حالة من الذل والمهانة أمامها. وصاحبة المال بدون دين يطغيها هذا المال، فتعيث في الأرض فساداً، وما أكثر الفساد من ورائهن. روى ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد إذ دخلت امرأة من مُزَيْنَةَ ترفل في زينة لها في المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس، انهوا نساءكم عن لُبْس الزينة والتبختر في المسجد، فإن بني إسرائيل لم يُلعنوا حتى لبس نساؤهم الزينة وتبختروا في المساجد). ثالثاً: صاحبة الجمال بدون دين ربما أن يرديها الجمال فتكون سبباً في غواية الرجال، روى ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من صباح إلا وملكان يناديان: ويل للرجال من النساء، وويل للنساء من الرجال). لأن صاحبة الجمال بدون دين تكون وسيلة بيد الشيطان لكسب الرجال الآثام. روى البيهقي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإثم حوَّاز القلوب، وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع). ومعنى حوَّاز القلوب: هو ما يحوزها ويغلب عليها حتى ترتكب ما لا يحسن. وكم من امرأة حسناء قليلة الدين خانت زوجها والعياذ بالله تعالى، من وراء شيطان من شياطين الإنس. رابعاً: تتعب زوجها في توجيهها إلى ما أمره الله عز وجل به نحوها، من مثل قول الله عز وجل: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}. ومثل قول الله عز وجل: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}. ومن مثل قول الله عز وجل: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}. ومثل قول الله عز وجل: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله}. ومثل قول الله عز وجل: {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}. إذا أراد الرجل أن يجعل من زوجته أسوة صالحة في المجتمع فإنه يتعب إذا لم يكن قد أحسن الاختيار، لأنه لو ذكَّرها بحديث السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم عندما قيل لها: لم لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك؟ قالت: قد حججت واعتمرت وأمرني الله أن أقر في بيتي. يقول الراوي: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها رضوان الله عليها. إن ذكرها بذلك ربما سخرت. إن ذكَّرها بالحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا). ربما ضحكت وقالت: نحن في زمن الحضارة والرقي، وربما سخرت إذا لم تخرج متبرجة. إن ذكَّرها بالحديث المتفق عليه: (لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم) قالت: نحن أصبحنا في أمان، فلو سافرتُ لوحدي ليست هناك مشكلة، لأننا أصبحنا منفتحين على العالم، ما يلزم أن نكون متحجرين. وكم حلت الطامة في البيوت من جرأة المرأة على مخالفة أوامر الله عز وجل؟ فغير صاحبة الدين تتعب زوجها في التوجيه، وربما أن توقع زوجها في الحرمان من الجنة لأنه انطبق عليه صفة الديوث. فقد روى النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث، ورجلة النساء). غير صاحبة الدين تفسد دين زوجها، ودين أولادها، وتفسد المجتمع وتسبب دمار الأسر، لأننا لو نظرنا في الخلافات الأسرية ودققنا فيها لوجدنا السبب الأعظم في ذلك تلك المرأة غير الملتزمة. خامساً: لا تستطيع أن تحسن تربية أولادها، ولا تقوم بما كلفها به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، قال: وحسبت أن قد قال: والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته). ومن لم تحسن تربية أولادها كان الأولاد وبالاً على الأبوين عوضاً من أن يكونوا نعمة. أما سوء اختيار الزوج وما هي نتائجه، فحدث بدون حرج: أولاً: سبب للفتنة والفساد العريض في الأرض، روى الترمذي عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض). ومن صور هذا الفساد والفتنة: 1- قد يلزمها بالتبرج الذي يضر بالنساء والرجال في الدنيا والآخرة، ويزري بالمرأة، ويخرب الديار ويجلب الخزي والعار ويدعو إلى الفتنة والدمار، ويجعلها امرأة لكل الرجال، وكأنها سلعة رخيصة. كم من امرأة مسلمة ملتزمة تزوجها غير صاحب الدين والخلق فضيع لها إسلامها والتزامها؟ كم من امرأة مسلمة كانت تأبى أن تلبس ثوباً لها لأنه وقع عليه بصر غير ذ ي محرم منها، بالرغم من أنها لم تكن ترتديه عند وقوع بصره عليها، فجعل منها الزوج غير الملتزم محطة أنظار الرجال إليها وإلى جسدها فضلاً عن ثوبها. 2- قد يلزمها بالاختلاط ودخولها على الرجال من أصحاب ورفقاء والعياذ بالله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك، كما روى البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء) فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: (الحمو الموت). وكم من أزواج ألزموا نساءهم بالدخول على إخوة الزوج وأعمام الزوج وأخوال الزوج، وأولاد أخ الزوج، وأولاد أخت الزوج، ومن أدلى إلى الزوج من أقارب؟ وكم من قريب خان قريبه في زوجته؟ 3- قد يلزمها بالخلوة مع بعض الرجال غير المحارم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) رواه البخاري ومسلم. وكم من صاحب خان صاحبه في زوجته؟ 4- قد يلزمها بمصافحة الرجال، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لأن يطعن في رأس أحدكم بِمِخْيَط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وكم من جريمة وقعت بعد مصافحة؟ 5- قد يطعمها الحرام، الذي هو وقود لكل معصية، لأنهم قالوا: كُلْ ما شئت فمثله تعمل. فمن أكل الحلال وُفِّق للطاعة، ومن أكل الحرام هانت عليه المعصية. يطعمها الحرام ويغذيها بالحرام، فيحرمها من استجابة الدعاء، للحديث الذي رواه مسلم عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه: (ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟). ويجعل مصيرها في النار، للحديث الذي رواه الحاكم والطبراني في الكبير والأوسط عن سيدنا أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نبت لحمه من السحت فالنار أولى به). الرجل إذا لم يكن صاحب دين يطعم زوجته الحرام ويلبسها الحرام ويسكنها الحرام، عن طريق الربا، عن طريق الرشوة، عن طريق السرقة، عن طريق الأيمان الكاذبة في البيع والشراء، عن طريق غيابه عن عمله الوظيفي وما شاكل ذلك. ثانياً: غير صاحب الدين والخلق لا يعرف واجباته نحو زوجته، فهو لا يعرف إلا الحق الذي له، وينسى الواجب الذي عليه. وهو لا يعرف قوله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن}. ولا يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هُنَّ عوان عندكم، وليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً. ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهنَّ عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. هو لا يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وهو لا يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله) رواه الترمذي والحاكم. وهو لا يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب صحيح. وهو لا يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة خلقت من ضلع، فإن أقمتها كسرتها، فدارها تعش معها) رواه ابن حبان. وهو لا يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء) رواه البخاري ومسلم. وهو لا يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر) رواه مسلم. ومعنى يفرك: يبغض. وهو لا يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أحمد وأبو داود عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: (تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت). كم ظلمنا بناتنا بسوء اختيار الزوج الصالح لهن، نظرنا إلى المال، وإلى الحسب، وإلى دنياه، فزوجناه، وهو لا يعرف وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو الزوجات. بالله عليكم، أليس خاسراً من لم يزوج على الدين والخلق؟ أليس نادماً؟ هذا هو نبينا صلى الله عليه وسلم يعلم الجميع أسباب سعادة الدارين، ويحذر الأمة من الشقاء في الدارين. أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعاً لتطبيق قول الله عز وجل: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم}. من خلال هذا الشرع الحنيف الذي أعطى كل ذي حق حقه، الذي أعطى الرجل حقه حتى أسعده، وأعطى المرأة حقها حتى أسعدها، وصدق الله القائل: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}. اللهم وفقنا لذلك. آمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ** ** ** |
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |