الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالعورة يجب سترها ولا يجوز الكشف عليها إلا لضرورة، والضرورة تقدَّر بقدرها ، واتفق الفقهاء على جواز نظر الطبيب إلى العورة ولمسها للتداوي، ويكون نظره إلى موضع المرض بِقَدَرِ الضرورة.

واتفق الفقهاء كذلك على أن الكشف على المرأة المسلمة لا يجوز في حال وجود امرأة مسلمة تحسن التطبيب، فإن وجدت الطبيبة المسلمة حَرُمَ على المرأة المسلمة الذهاب إلى طبيب.

وقد جاء قرار مجمع الفقه الإسلامي بذلك، ونصه ما يلي:

الأصل أنه إذا توافرت طبيبة متخصصة يجب أن تقوم بالكشف على المريضة، وإذا لم يتوافر ذلك فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة، فإن لم يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم، وإن لم يتوافر طبيب مسلم يمكن أن يقوم مقامه غير مسلم، على أن يطلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته وألا يزيد عن ذلك، وأن يغض الطرف قدر استطاعته، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم أو زوج أو امرأة ثقة خشية الخلوة.

وبناء على ذلك:

يَحْرُمُ على القائمين في الطبابة الشرعية من أطباء شرعيين الكشف على المرأة وخاصة في الحالة المذكورة في السؤال، لوجود الطبيبات المسلمات في البلدة بكثرة.

وكما يَحْرُمُ على القاضي المحيل إلى الطبابة الشرعية إن كان يعلم بأنَّه يتم الكشف على المرأة المُحالة إليهم من قِبَلِ طبيب سواء كان مسلماً أم غير مسلم.

وعلى السادة القضاة والأطباء الشرعيين أن يراقبوا الله عز وجل، وخاصة في مثل الحالة المذكورة في السؤال، وأن يعلموا أنه يَحْرُمُ الكشف على النساء مع وجود الطبيبات.

وما يحصل في الطبابة الشرعية بالشكل المذكور في السؤال هو منكر ومن أعظم المنكرات، ويجب تغيير هذا المنكر ويحرم السكوت عنه، وذلك لقول الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون}. هذا، والله تعالى أعلم.