طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول الله تبارك: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. وهذه الآية تدلُّ على أن للزوج حقاً مؤكداً على زوجته، فهي مأمورة بطاعته في غير معصية لله عز وجل، وهذا ما أكَّده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله: (إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ) رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
وروى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ: (لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنْ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ، فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلا تَفْعَلُوا، فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ، لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ).
وروى الإمام أحمد عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ رضي الله عنه (أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟ قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، قَالَ: فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ).
وبناء على ذلك:
فالمرأة المسلمة مأمورة بطاعة زوجها في غير معصية لله تعالى، كما أنها مأمورة بطاعة والديها في غير معصية لله عزَّ وجل، فإذا تعارض أمر الزوج مع أمر أحد الوالدين في أمر من الأمور المباحة، قُدِّم أمر الزوج على أمر الوالدين.
يقول الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه في امرأة لها زوجٌ وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها. اهـ.
وفي الإنصاف: لا يلزمها طاعة أبويها في فراقِ زوجها، ولا زيارةٍ ونحوِها، بل طاعة زوجها أحقُّ.
ولكن ننصح الزوج أن يكون عوناً لزوجته على بِرِّ والديها في غير معصيةٍ لله عز وجل، إذا كان لا يتضرَّر من ذلك، وبذلك تنال المرأة رضا أبويها، وفيه رضا الله تعالى، وتنال رضا زوجها وفيه دخول الجنة، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ) رواه الترمذي عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |