طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ حِلُّ الاسْتِمْتَاعِ بِالآخَرِ، كَمَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلى جَمِيعِ بَدَنِ صَاحِبِهِ، وَكَذَا لَمْسُهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ».
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟
قَالَ: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا».
قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟
قَالَ: «فَاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكَيمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
فَالمَرْأَةُ تَحِلُّ لِزَوْجِهَا، وَالزَّوْجُ يَحِلُّ لِزَوْجَتِهِ، قَالَ تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾.
إِلَّا في حَالَةِ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالإِحْرَامِ وَفِي الظِّهَارِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالمُدَاعَبَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ جَائِزَةٌ شَرْعًا نَظَرًا وَمَسًّا، أَمَّا إِدْخَالُ الأُصْبُعِ في الدُّبُرِ فَيَنْبَغِي الابْتِعَادُ عَنْهُ للأَسْبَابِ التَّالِيَةِ:
أولًا: الدُّبُرُ مَحَلٌّ للنَّجَاسَةِ، وَقَدْ تُلَامِسُ الأُصُبُعُ النَّجَاسَةَ المُغَلَّظَةَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا ضَرُورَةٍ، وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِالمُؤْمِنِ وَلَا بِالمُؤْمِنَةِ.
ثانيًا: هَذَا الفِعْلُ هُوَ في الحَقِيقَةِ تَأْبَاهُ النُّفُوسُ السَّلِيمَةُ، وَأَصْحَابُ الفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ الأَدَبِ، بَلْ هِيَ عَادَاتٌ وَافِدَةٌ إلى الأُمَّةِ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُونَ الأَدَبَ وَالقِيَمَ وَالأَخْلَاقَ السَّامِيَةَ، وَمِمَّنِ ابْتَعَدُوا عَنِ الفِطْرَةِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَعَاشُوا عِيشَةَ البَهَائِمِ وَالحَيَوَانَاتِ، بَلِ البَهَائِمُ وَالحَيَوَانَاتُ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ.
ثالثًا: رُبَّمَا أَنْ يُؤَدِّي اسْتِمْرَارُ هَذَا الفِعْلِ إلى وِطْءٍ المَرْأَةِ في دُبُرِهَا، وَالابْتِعَادُ عَنِ الشُّبُهَاتِ أَسْلَمُ لِدِينِ المَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ».
رابعًا: مَا شَرَعَهُ اللهُ تعالى للزَّوْجَيْنِ ـ مِنَ الاسْتِمْتَاعِ بِبَعْضِهِمَا البَعْضِ ـ فِيهِ الغِنَى عَنِ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ التي تُخَالِفُ الفِطْرَةَ الإِنْسَانِيَّةَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |