السؤال :
لِي صَدِيقٌ قَدِيمٌ وَهَذَا الصَّدِيقُ هُوَ لِي أَكْثَرُ مِنْ أَخٍ، بَعْدَ صَدَاقَةٍ دَامَتْ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سَنَوَاتٍ بَدَأَ هَذَا الصَّدِيقُ يُغْوِينِي وَشَدِّي لِلْفِعْلِ بِهِ، حَتَّى وَقَعْتُ بِهِ، وَأُحَاوِلُ التَّخَلُّصِ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا أَسْتَطِيعُ، مَعَ العِلْمِ أَنَّهُ مِنَ الأُنَاسِ المُخْلِصِينَ، وَإِنِّي كُلَّمَا أُحَاوِلُ أَنْ أُمَانِعَ في نَفْسِي أُجْبِرُهَا عَلَى الصَّبْرِ عَلَيْهِ وَأَنْصَحُهُ بِالاسْتِقَامَةِ إِلَّا أَنَّنِي أَقَعُ في هَذِهِ الجَرِيمَةِ مَرَّةً أُخْرَى؛ أُحَاوِلُ التَّخَلُّصَ مِنْهُ وَقِتَالَهُ لِيَزْعَلَ مِنِّي أَجِدُ نَفْسِي أَعودُ وَأُصَالِحُهُ، مَاذَا أَفْعَلُ وَجَزَاكُمُ اللهُ كُلَّ خَيْرٍ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 470
 2007-08-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فَيَا أَخِي الكَرِيمُ: قِصَّتُكَ وَاللهِ تُدْمِي القَلْبَ قَبْلَ أَنْ تُبْكِيَ العَيْنَ، يَا أَخِي الحَبِيبُ: أَنْتَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ مُؤْمِنٌ، أَلَا تَخَافُ نَتَائِجَ العَمَلِ؟ أَمَا قَرَأْتَ القُرْآنَ العَظِيمَ وَهُوَ يُحَدِّثُكَ عَنْ نَتِيجَةِ قُرَنَاءِ السُّوءِ.

اقْرَأْ يَا أَخِي قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾.

وَاقْرَأْ قَوْلَهُ تعالى: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾.

وَاقْرَأْ وَتَدَبَّرْ قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ * فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

هَلْ تَعْلَمُ يَا أَخِي بِأَنَّ القُرَنَاءَ وَالأَصْحَابَ يَتَخَلَّى بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ يَوْمَ القِيَامَةِ؟

اقْرَأْ قَوْلَهُ تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾.

وَاقْرَأْ قَوْلَهُ تعالى وَهُوَ يُخْبِرُنَا عَنْ قَوْلِ شَيْخِ شَيَاطِينِ الجِنِّ وَالإِنْسِ: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

يَا أَخِي الحَبِيبُ: اسْمَعْ مَاذَا يَقُولُ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ».

وَيَقُولُ لَنَا في حَدِيثٍ آخَرَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» رواه أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانُ.

رُوحِي الفِدَاءُ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمْ هُوَ حَرِيصٌ عَلَيْنَا، وَصَدَقَ اللهُ القَائِلُ في حَقِّهِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

أَخِي الكَرِيمُ: صَاحِبُكَ هَذَا لَا أَرَاهُ إِلَّا شَيْطَانًا لَكَ، لَوْ قِيلَ لَكَ: إِنَّ فُلَانًا مُصَابٌ بِمَرَضٍ مُعْدٍ فَهَلْ تُجَالِسُهُ؟

الجَوَابُ: قَطْعًا لَا، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْكَ، كَيْفَ تَكُونُ حَرِيصًا عَلَى جَسَدِكَ الَّذِي مَآلُهُ لِلتُّرَابِ، وَلَا تَكُونُ حَرِيصًا عَلَى دِينِكَ؟ كُنْ رَجُلًا وَاقْطَعِ الصِّلَةَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَعَضَّ عَلَى يَدَيْكَ مِنَ النَّدَمِ.