السؤال :
يَقُولُ سَائِلٌ: كَثُرَتْ دُيُونِي وَلَا يُمْكِنُنِي سَدَادُهَا لِكَثْرَتِهَا، وَأَصْحَابُ الدُّيُونِ لَا يُنْظِرُونَنِي، فَكَيْفَ السَّبِيلُ لِلْخَلَاصِ مِنْ ذَلِكَ؟ وَأَعْتَرِفُ بِكَثْرَةِ ذُنُوبِي وَأَنْوِي التَّوْبَةَ إِنْ شَاءَ اللهُ.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 491
 2007-09-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَخِي الكَرِيمُ، أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ عَنْكَ وَعَنِ المَدِينِينَ.

روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الجَمَلِ دَعَانِي، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: يَا بُنَيِّ، إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ اليَوْمَ إِلَّا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإِنِّي لَا أُرَانِي إِلَّا سَأُقْتَلُ اليَوْمَ مَظْلُومَاً، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي، أَفَتُرَى يُبْقِي دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئَاً؟

فَقَالَ: يَا بُنَيِّ، بِعْ مَالَنَا، فَاقْضِ دَيْنِي، وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ ـ يَعْنِي بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ـ يَقُولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ، فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ، وَيَقُولُ: يَا بُنَيِّ، إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ، فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَايَ.

قَالَ: فَوَاللهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ: يَا أَبَتِ مَنْ مَوْلاَكَ؟ قَالَ: اللهُ.

قَالَ: فَوَاللهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ، إِلَّا قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ، فَيَقْضِيهِ.

فَأَكْثِرْ يَا أَخِي مِنْ هَذَا الدُّعَاءِ، وَكُنْ عَازِمَاً عَزْمَاً صَادِقَاً عَلَى سَدَادِ الدَّيْنِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ» رواه الإمام البخاري.

وَاعْلَمْ بِأَنَّ قُلُوبَ العِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، فَإِنْ صَدَقْتَ في نِيَّةِ القَضَاءِ، وَعَزَمْتَ عَلَى الوَفَاءِ فَلَا شَكَّ بِأَنَّ اللهَ تعالى سَيُيَسِّرُ عَلَيْكَ القَضَاءَ.

حَافِظْ عَلَى قِرَاءَةِ سُورَةِ الوَاقِعَةِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ وَالإِخْلَاصِ وَالفَلَقِ وَالنَّاسِ سَبْعَ مَرَّاتٍ بَعْدَ صَلَاةِ الجُمُعَةِ وَقَبْلَ قِيَامِكَ لِصَلَاةِ السُّنَّةِ البَعْدِيَّةِ، وَقُلْ بَعْدَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ أَغْنِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.

وَكُلَّمَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ صَبَاحَاً ادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ: بِسْمِ اللهِ عَلَى نَفْسِي وَمَالِي وَدِينِي، اللَّهُمَّ رَضِّنِي بِقَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا قُدِّرَ لِي، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ.

وَأَكْثِرْ مِنَ الاسْتِغْفَارِ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارَاً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارَاً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارَاً * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للهِ وَقَارَاً ﴾.

وَتَعَجَّلْ في تَوْبَتِكَ وَلَا تُسَوِّفْ؛ وَأَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمْ تَفْرِيجَ الكَرْبِ. هذا، والله تعالى أعلم.