طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: مَن أكرمَهُ الله تعالى بالحجِّ وتمتَّعَ، وَجَبَ عليه هدْيٌ، وهوَ دمٌ واجبٌ شُكراً للهِ تعالى على أن وَفَّقَهُ لأداءِ النُّسُكَينِ في سَفَرٍ واحدٍ، قال تعالى: {وَأَتِمُّواْ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَاب}.
وَنَصَّ الفقهاءُ على وُجوبِ الذَّبحِ على المتمتِّعِ، فإن لم يستطع لِفقرٍ أو لِعدمِ وُجودِ هدْيٍ، فعليه صِيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ في الحجِّ، وسبعةِ أيَّامٍ في بَلَدِهِ.
ثانياً: اتَّفقَ الفقهاءُ على أنَّ دِماءَ الهدْيِ ـ عدا الإحصار ـ يَختصُّ جوازُ إِراقَتِها بالحرمِ، ولا يجوزُ ذبحُ شيءٍ منها خارجَهُ، لقوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ}. ولقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيق}. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (نَحَرْتُ هَاهُنَا وَمِنىً كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ) رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ) رواه الإمام أحمد عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
وبناء على ذلك:
فكانَ مِن الواجبِ عليك أن تَتَفَقَّهَ في أحكامِ الحجِّ قبلَ الشُّروعِ فيه، لأنَّ القاعدةَ الفقهيَّةَ تقول: ما لا يَتِمُّ الواجِبُ إلا بِهِ فَهوَ واجِبٌ. اهـ.
وغيرُ المتفقِّهِ في أحكامِ الحجِّ قد يَقَعُ في مُخالفاتٍ كثيرةٍ وهوَ لا يدري، وربَّما أن يَبطُلَ حَجُّهُ.
وليسَ من أركانِ الحجِّ ولا من واجباتِهِ ولا من سُننِهِ إِحضارُ الهدايا لِلأهلِ والأقاربِ.
لذلك وَجَبَ عليك أن تُرسِلَ إلى مكَّةَ المكرَّمَةَ ثَمَنَ الهدْيِ وتُوَكِّلَ أحداً بِذَبحِهِ ثمَّ توزيعِهِ على الفقراءِ، وصيامُكَ لا يُجزِئُ عن الهدْيِ ولو صُمتَ، وعليك أن تستغفرَ اللهَ تعالى من تقصيرِكَ في أداءِ هذا الواجبِ، ولا يجبُ عليك شيءٌ آخر. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |