طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَخِي الكَرِيمَ، بَارَكَ اللهُ في شَبَابِكَ وَاسْتِقَامَتِكَ وَحِرْصِكَ عَلَى دِينِكَ، وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُهَيِّئَ لَنَا وَلَكَ أَسْبَابَ سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ.
أَوَّلًا: يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَعْلَمَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾. فَالاتِّبَاعُ يُحَقِّقُ السَّعَادَةَ، وَالابْتِدَاعُ يَأْتِيكَ بِحَيَاةِ الشَّقَاءِ وَالضَّنْكِ.
وَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى بِعَبْدِهِ إِذَا غَفَلَ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُضَيِّقَ عَلَيْهِ الأُمُورَ، وَيُذِيقَهُ المَرَارَةَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا لَعَلَّهُ يَتَنَبَّهُ وَيَصْحُو مِنْ غَفْلَتِهِ وَيَرْجِعُ إِلَى اللهِ تعالى.
وَإِنِّي أَرَى يَا أَخِي ـ وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ ـ بِأَنَّ اللهَ تعالى ضَيَّقَ عَلَيْكَ في هَذِهِ الأَيَّامِ لِتَنْصَرِفَ عَنْ هَذَا المَوْضُوعِ الَّذِي دَخَلْتَهُ بِطَرِيقٍ غَيْرِ مَـشْرُوعٍ، حَيْثُ جَعَلْتَ العَلَاقَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ هَذِهِ الفَتَاةِ، بِحَيْثُ أَنْتَ لَا تَرْضَى أَنْ يَجْعَلَ أَحَدٌ عَلَاقَةً مَعَ إِحْدَى مَحَارِمِكَ، فَكَيْفَ تُبِيحُ لِنَفْسِكَ مَا لَا تَرْضَاهُ لِغَيْرِكَ؟
ثَانِيًا: أَنْصَحُكَ يَا أَخِي أَنْ تَتَقَدَّمَ مِنْ خِطْبَةِ فَتَاةٍ مُسَاوِيَةً لَكَ أَوْ قَرِيبَةٍ مِنْكَ مِنَ النَّاحِيَةِ المَادِّيَّةِ، لِأَنَّهُ كَمْ مِنِ امْرَأَةٍ غَنِيَّةٍ وَزَوْجُهَا دُونَهَا فِي المَادَّةِ، جَعَلَتْ حَيَاتَهُ شَقَاءً بِسَبَبِ الاسْتِعْلَاءِ عَلَيْهِ ـ حَاشَا صَاحِبَةِ الدِّينِ الَّتِي تَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ ـ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَ مِنَ الزَّوَاجِ مِنِ امْرَأَةٍ غَنِيَّةٍ غَيْرِ صَاحِبَةِ دِينٍ، فَقَالَ: «لَا تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ، فَعَسَى حُسْنُهُنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ، وَلَا تَزَوَّجُوهُنَّ لِأَمْوَالِهِنَّ، فَعَسَى أَمْوَالُهُنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ، وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ، وَلَأَمَةٌ خَرْمَاءُ سَوْدَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه.
ثَالِثًا: عَلَيْكَ أَنْ تَعْلَمَ يَا أَخِي بِأَنَّ الخُطُوبَةَ بِدُونِ عَقْدٍ لَا تُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللهُ تعالى، فَلَا يَجُوزُ الحَدِيثُ مَعَ المَخْطُوبَةِ فَتْرَةَ الخُطُوبَةِ، لِأَنَّهَا امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْ خَاطِبِهَا، إِلَّا مَا يُبَاحُ بِمِقْدَارِ الضَّرُورَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَلَّا تَخْضَعَ المَخْطُوبَةُ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾.
وَأَحَادِيثُ الخُطَّابِ جُلُّهُ بِالعَوَاطِفِ وَهُوَ مَمْزُوجٌ بِالشَّهَوَاتِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
1ـ فَطَالَمَا أَنَّ الأُمُورَ غَيْرُ مُيَسَّرَةٍ الآنَ مِنْ أَجْلِ الزَّوَاجِ، فَاصْرِفْ هَذَا المَوْضُوعَ عَنْ خَاطِرِكَ، وَامْتَثِلْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
وَأَكْثِرْ مِنَ الصَّوْمِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الاسْتِغْفَارِ.
2ـ اعْتَذِرْ لِلْمَخْطُوبَةِ، وَأَعْلِمْهَا بِأَنَّكَ فَسَخْتَ هَذِهِ الخُطُوبَةَ حَتَّى لَا تَبْقَى مُعَلَّقَةً بِكَ تَعِيشُ فِي أَوْهَامٍ.
3ـ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَذَلِكَ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ، أَوْ كِسْوَتِهِمْ، أَوْ قِيمَةِ ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَاتٍ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |