طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الواجبُ على كلٍّ من الزَّوجَينِ أن يُعامِلَ الآخرَ بالمعروفِ، قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾. كما يجبُ عليهما في حالِ النِّزاعِ الرُّجوعُ إلى الشَّرعِ الشَّريفِ لِحلِّ النِّزاعِ بينهما، قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾.
ثانياً: يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» رواه الإمام مسلم عَنْ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. والباءةُ تعني: القدرةَ على تأمينِ حُقوقِ الزَّوجةِ، ومن جملةِ حُقوقِها المسكنُ الشَّرعيُّ المستقلُّ عن أهلِها وأهلِهِ، قال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ﴾.
ثالثاً: لا يجبُ على المرأةِ خِدمةُ والِدَي زوجِها فضلاً عن أخواتِهِ، فإن فَعَلت ذلك، كانَ فضلاً منها وإحساناً، ولها في ذلك الأجرُ العظيمُ، وكانَ أدعى لِدوامِ العِشرةِ بينها وبين زوجِها.
وبناء على ذلك:
فمن حقِّ المرأةِ أن تطلبَ المسكنَ الشَّرعيَّ المستقلَّ عن أهلِ زوجِها، ولا يليقُ بالمسلمِ أن يُهدِّدَ زوجتَهُ بالطَّلاقِ لأنَّها تُطالبُ بحقٍّ شرعيٍّ لها، وأنا أنصحُها بالصَّبرِ على البقاءِ مع أبَوَيهِ، ولها في ذلك أجرٌ عظيمٌ، ثمَّ تُحاولَ أن تُقنعَ زوجَها بالمسكنِ المستقلِّ بأسلوبٍ حَسَنٍ ولطيفٍ، وذلك من أجلِ حياةٍ زوجيَّةٍ مُستقرَّةٍ.
فإن رَفَضَ وأصرَّ على البقاءِ مع والدَيهِ، فعليها الموافقةُ ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وأن تُكثِرَ التَّضرُّعَ إلى اللهِ تعالى في أن يجعلَ لها فَرَجاً ومَخرجاً، وهذا خيرٌ لها من طلاقِها، وخاصَّةً إذا كان لها أولادٌ منه، فإن لم تستطعِ الصَّبرَ فلتطلُبِ الطَّلاقَ، ولتَتَذَكَّر قول الله تعالى: ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاً مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيماً﴾. ويكونُ الزَّوجُ بذلك آثِماً. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |