طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ذُبُّوا بِأَمْوَالِكُمْ عَنْ أَعْرَاضِكُمْ».
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ نَذُبُّ بِأَمْوَالِنَا عَنْ أَعْرَاضِنَا؟
قَالَ: «تُعْطُونَ الشَّاعِرَ وَمَنْ تَخَافُونَ لِسَانَهُ».
وَرُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ افْتَدَى يَمِينَهُ، وَقَالَ: خِفْتُ أَنْ تُصَادِفَ قَدَرًا فَيُقَالُ: حَلَفَ فَعُوقِبَ، أَوْ هَذَا شُؤْمُ يَمِينِهِ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: إِذَا افْتَدَى المُنْكِرُ يَمِينَهُ بِالمَالِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَبَدًا، لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ في الخُصُومَةِ، وَكِرَامُ النَّاسِ يَتَرَفَّعُونَ عَنِ الحَلِفِ تَوَرُّعًا.
ثَالِثًا: إِذَا أَسْقَطَ المُدَّعِي اليَمِينَ قَصْدًا بِدُونِ مُصَالَحَةٍ أَوِ افْتِدَاءٍ بَعْدَ طَلَبِهَا، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِسْقَاطًا، وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ اليَمِينَ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَيُسْتَحَبُّ لَكَ أَنْ تَفْتَدِيَ يَمِينَكَ بِالمَالِ إِذَا كُنْتَ صَادِقًا فِيهَا لَوْ حَلَفْتَهَا، وَإِلَّا فَعَلَيْكَ مُصَالَحَةُ الخَصْمِ مُصَالَحَةً لَا افْتِدَاءَ اليَمِينِ، وَهَذَا شَأْنُ الكِرَامِ، وَذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَكَ قَدَرٌ مَكْرُوهٌ فَيُقَالُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا في يَمِينِهِ لَمَّا عُوقِبَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |