طباعة |
هَلْ يَجُوزُ الاسْتِمْنَاءُ بِاليَدِ، وَالدُّخُولُ إِلَى المُنْتَدَيَاتِ الجِنْسِيَّةِ، لِدَرْءِ خَطْرِ الوُقُوعِ فِي الفَوَاحِشِ، عِلْمًا أَنَّنِي أَعْلَمُ بِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَأَنْدَمُ عَلَى فِعْلِهِ، وَلَكِنِّي أَجِدُهُ أَفْضَلَ مِنِ ارْتِكَابِ الكَبَائِرِ وَالخَوْضِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أَوَّلًا: فَلِلَّهِ الحَمْدُ وَالمِنَّةُ عَلَى تَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ التَّوْفِيقِ أَنْ يَعْرِفَ العَبْدُ المَعْصِيَةَ مَعْصِيَةً، وَلَا يُبَرِّرَ لِنَفْسِهِ وُقُوعَهُ فِيهَا، وَمِنْ جُمْلَةِ التَّوْفِيقِ شَرَحَ اللهُ تَعَالَى صَدْرَ العَبْدِ لِلتَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ بَعْدَ الوُقُوعِ فِيهِ.
وَأُذَكِّرُ الأَخَ الكَرِيمَ التَّائِبَ بِحَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ "، قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: لَا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: «اعْمَلْ مَا شِئْتَ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ.
وَعَلَيْنَا أَنْ نُقْبِلَ عَلَى اللهِ تَعَالَى تَائِبِينَ مُحَقِّقِينَ شُرُوطَ التَّوْبَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا العُلَمَاءُ:
وَأَوَّلُهَا: الإِقْلَاعُ عَنِ المَعْصِيَةِ، وَثَانِيهَا: النَّدَمُ عَلَى مَا فَعَلَ، وَثَالِثُهَا: الجَزْمُ عَلَى أَلَّا يَعُودَ، وَرَابِعُهَا: تَرْكُ قُرَنَاءِ السُّوءِ.
ثَانِيًا: الاسْتِمْنَاءُ بِاليَدِ حَرَامٌ فِي الجُمْلَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾. وَالعَادُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ المُتَجَاوِزُونَ، فَلَمْ يُبِحِ اللهُ تَعَالَى الاسْتِمْتَاعَ إِلَّا بِالزَّوْجَةِ وَالأَمَةِ.
فَيَحْرُمُ الاسْتِمْنَاءُ بِاليَدِ إِذَا كَانَ لِمُجَرَّدِ اسْتِدْعَاءِ الشَّهْوَةِ، أَمَّا إِذَا كَانَ لِتَسْكِينِ الشَّهْوَةِ المُفْرِطَةِ الغَالِبَةِ، الَّتِي يُخْشَى مَعَهَا الزِّنَا، وَكَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الزَّوَاجِ، وَعَلَى الصَّوْمِ، فَهُوَ جَائِزٌ، لِأَنَّ فِعْلَهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
1ـ يَحْرُمُ الاسْتِمْنَاءُ بِاليَدِ إِذَا كَانَ اسْتِدْعَاءً لِلشَّهْوَةِ.
2ـ يَجُوزُ الاسْتِمْنَاءُ بِاليَدِ لِتَسْكِينِ الشَّهْوَةِ المُفْرِطَةِ، لِعَاجِزٍ عَنِ الزَّوَاجِ وَالصِّيَامِ، وَيَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الوُقُوعِ فِي الزِّنَا.
3ـ يَحْرُمُ الدُّخُولُ إِلَى المُنْتَدَيَاتِ الجِنْسِيَّةِ، لِأَنَّ الدُّخُولَ إِلَيْهَا مِمَّا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ، وَرُبَّمَا أَنْ يَجُرَّهُ ذَلِكَ إِلَى ارْتِكَابِ الفَاحِشَةِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.
وَأَخِيرًا: أَنْصَحُ هَؤُلَاءِ الإِخْوَةَ الكِرَامَ بِالزَّوَاجِ أَوَّلًا، فَإِنْ عَجَزُوا فَعَلَيْهِمْ بِالصَّوْمِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ. وَأَنْ يَبْحَثُوا عَنِ الصُّحْبَةِ الصَّالِحَةِ فَهِيَ السِّيَاجُ الوَاقِي بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، وَلْيَتَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. وَلْيَجْعَلُوا حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَصْبَ أَعْيُنِهِمْ، الَّذِي يَقُولُ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَلْيَجْعَلُوا قُدْوَتَهُمْ سَيِّدَنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَإِذَا وَقَعَ أَحَدٌ بِالذَّنْبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَارِعَ إِلَى التَّوْبَةِ. نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى الحِفْظَ لَنَا جَمِيعًا.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |