طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَزَكَاةُ المَالِ لَا تُدْفَعُ لِكِتَابِيٍّ، بَلْ هِيَ حَصْرًا لِلْمُؤْمِنِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَسَهْمُ المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمُ انْقَطَعَ وَذَلِكَ لِعِزَّةِ الإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِينَ، وَيَقُولُ فُقَهَاءُ الحَنَفِيَّةِ: وَقَدِ انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ فِي زَمَنِ سَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ عِنْدَمَا جَاءَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ يَطْلُبَانِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَرْضًا، فَكَتَبَ لَهُمَا بِذَلِكَ، فَمَرَّا عَلَى عُمَرَ، فَرَأَى الكِتَابَ فَمَزَّقَهُ، وَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعْطِيكُمُوهُ لِيَتَأَلَّفَكُمْ، وَالآنَ قَدْ أَعَزَّ اللهُ الإِسْلَامَ وَأَغْنَى عَنْكُمْ، فَإِنْ ثُبْتُمْ عَلَى الإِسْلَامِ، وَإِلَّا فَبَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ السَّيْفُ، فَرَجَعَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَا: مَا نَدْرِي أَنْتَ الخَلِيفَةُ أَمْ عُمَرُ؟ فَقَالَ: هُوَ إِنْ شَاءَ، وَوَافَقَهُ؛ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ. أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ زَكَاةِ المَالِ وَلَا صَدَقَةِ الفِطْرِ وَلَا الكَفَّارَاتِ وَلَا النُّذُورِ لِغَيْرِ المُسْلِمِينَ، وَخَاصَّةً فِي هَذِهِ الآوِنَةِ، حَيْثُ اشْتَدَّ الفَقْرُ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَضُيِّقَ عَلَى المُسْلِمِينَ، فَفُقَرَاءُ المُسْلِمِينَ أَوْلَى بِزَكَاةِ أَغْنِيَاءِ المُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ مُسَاعَدَةِ غَيْرِ المُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ مِنَ الحَوَائِجِ الدُّنْيَوِيَّةِ إِذَا كَانَ غَيْرُ المُسْلِمِ لَا يَكِيدُ لِلْإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِينَ، وَلَا يَعِيثُ فِي دِيَارِ المُسْلِمِينَ فَسَادًا، وَإِلَّا حَرُمَ كَذَلِكَ إِعْطَاؤُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |