طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فبيعُ العُربونِ هوَ أن يشتريَ الرجلُ شيئاً، فيدفعَ إلى البائعِ من ثمنِ المبيعِ مبلغاً من المالِ، بشرطٍ إذا تمَّ البيعُ كانَ المدفوعُ جُزءاً من الثَّمنِ، وإذا لم يتمَّ البيعُ يكونُ المدفوعُ هِبةً من المشتري للبائعِ.
اختلفَ الفقهاءُ في حُكمِ هذا البيعِ، فقالَ جمهورُ الفقهاءِ: إنَّهُ بيعٌ غيرُ صحيحٍ، فاسدٌ عندَ الحنفيةِ، باطلٌ عندَ غيرِهِم، لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ) رواه الإمام أحمد وأبو داوود وابن ماجه عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
وقالَ الإمام أحمد بن حنبل رَضِيَ اللهُ عَنهُ: لا بأسَ به.
وبناء على ذلك:
فما دامَ البائعُ رَضِيَ بفَسْخِ العقدِ فلا يحلُّ له أخذُ العُربونِ، لأنَّهُ أَخَذَ المالَ بدونِ عِوَضٍ، وهوَ حرامٌ عليه عندَ جمهورِ الفقهاءِ، وَوَجَبَ عليه ردُّ العُربونِ، إلا إذا أصابَهُ ضَرَرٌ حقيقيٌّ فيأخُذُ بمقدارِ الضَّرَرِ.
وكانَ يكفي البائعَ أنَّ اللهَ تعالى سيُقيلُ عثرتَهُ يومَ القيامةِ، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه ابن حبان عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال: قالَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَن أقالَ نادماً بَيعتَهُ، أقالَ اللهُ عَثرَتَهُ يومَ القيامَةِ». وفي رواية ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً أَقَالَهُ اللهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |