طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَمِن عَلاماتِ قِيامِ السَّاعَةِ خَضْبُ الشَّعرِ بالسَّوادِ، معَ وُجُودِ النَّهيِ عنهُ بالحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام أحمد وغيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ بِهَذَا السَّوَادِ، كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ ـ أي: كَصُدُورِهَا، فَإِنَّهَا سُودٌ غَالِباً ـ لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ».
وفي رواية الإمام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضاً ـ الثَّغامَةُ: نَبْتٌ أَبْيَضُ الزَّهْرِ ـ فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ».
ويقولُ الإمامُ النَّووِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَمَذْهَبنَا اِسْتِحْبَابُ خِضَابِ الشَّيْبِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِصُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ، وَيَحْرُمُ خِضَابُهُ بِالسَّوَادِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وبناء على ذلك:
فإنَّ صَبْغَ الشَّعرِ بالسَّوادِ من علاماتِ قِيامِ السَّاعَةِ، والتي ظَهَرَت مُنذُ زَمَنٍ بَعيدٍ، وما زالَت مَوجودَةً، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله العليِّ العظيمِ.
وقد اختلف الفقهاء في حكم الاختضاب بالسواد: فالحنابلة والمالكية والحنفية ـ ما عدا أبا يوسف ـ يقولون بكراهة الاختضاب بالسواد في غير الحرب؛ أما في الحرب فهو جائز إجماعاً.
وقال الشافعية بتحريم الاختضاب بالسواد لغير المجاهدين، لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ، كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» رواه أبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |