طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: يَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اكْتَحَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْتَحِلْ وِتْراً» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وروى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ ـ نَوعٌ من الكُحلِ ـ كُلَّ لَيْلَةٍ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، وَكَانَ يَكْتَحِلُ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ.
وروى الحاكم والإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ، يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعَرَ».
ثانياً: اِستَحَبَّ الحَنَابِلَةُ والشَّافِعِيَّةُ الاكتِحالَ للرِّجالِ، وقالَ الحَنَفِيَّةُ بِجَوازِهِ، ولا خِلافَ بَينَ الفُقَهاءِ في جَوازِ الاكتِحالِ للنِّساءِ.
ثالثاً: الاكتِحالُ للمُعتَدَّةِ من الوَفاةِ إذا كانَ للزِّينَةِ لا يَجوزُ، وأمَّا إذا اكتَحَلَت للحَاجَةِ فلا حَرَجَ في ذلكَ.
وأمَّا المُعتَدَّةُ من طَلاقٍ رَجعِيٍّ فلا خِلافَ بَينَ الفُقَهاءِ بإباحَةِ الاكتِحالِ لها، وأمَّا إذا كانَ الطَّلاقُ بائِناً فَعِندَ جُمهورِ الفُقَهاءِ لا يَجوزُ لها الاكتِحالُ.
وبناء على ذلك:
فالاكتِحالُ للرِّجالِ مُستَحَبٌّ إذا كانَ لِتَقوِيَةِ البَصَرِ وجِلاءِ الغِشاوَةِ من العَينِ وتَنظيفِها وتَطهيرِها، ولا سِيَّما إذا كانَ بالإثمِدِ الأصلِيِّ، أمَّا إذا كانَ القَصدُ من الاكتِحالِ التَّشَبُّهَ بالنِّساءِ، أو لَفتَ النَّظَرِ إلَى المُكتَحِلِ، وخاصَّةً إذا كانَ أمرَدَ أو حَليقَ اللِّحيَةِ فلا يَجوزُ.
وأمَّا الاكتِحالُ للمَرأَةِ المُعتَدَّةِ من وَفاةٍ أو طَلاقٍ بائِنٍ فلا يَجوزُ إذا كانَ للزِّينَةِ، ويَجوزُ إذا كانَ لِحَاجَةٍ أو ضَرورَةِ عِلاجٍ.
وأمَّا الاكتِحالُ للمَرأَةِ المُطَلَّقَةِ طَلاقاً رَجعِيَّاً فَمُباحٌ بالاتِّفاقِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |