طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقولُ اللهُ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ واللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير﴾. ولم يَذكُرْ رَبُّنا عزَّ وجلَّ الحِكمَةَ من ذلكَ، بل قالَ رَبُّنا عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً﴾.
وهُناكَ من العِباداتِ ما وَرَدَ منها نَصٌّ من الكِتابِ والسُّنَّةِ بَيَّنَ الحِكمَةَ منها، من جُملَةِ ذلكَ، تَحَوُّلُ القِبلَةِ، قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم﴾.
ومن جُملَةِ ذلكَ أيضاً الحَديثُ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ.
فَقَالَ: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ».
وبناء على ذلك:
فالعِباداتُ التي كُلِّفَ بها العَبدُ في الحَياةِ الدُّنيا، منها ما ذَكَرَ اللهُ تعالى الحِكمَةَ منها، ومن العِباداتِ ما لم يَذكُر الحِكمَةَ منها، كالعِدَّةِ بأنواعِها، عِدَّةِ الطَّلاقِ، وعِدَّةِ الوَفاةِ، وجَعَلَ لِكُلِّ حَالَةٍ حُكماً، ولا يَسَعُ المَرأَةَ إلا أن تَمتَثِلَ أمرَ الله تعالى، فإن سَأَلَت ما الحِكمَةُ من ذلكَ نَقولُ: العَبدُ عَبدٌ، والرَّبُّ رَبٌّ، ولا يَسَعُ العَبدَ إلا امتِثالَ أمرِ سَيِّدِهِ، عَرَفَ العِلَّةَ أم لم يَعرِفْها. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |