طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد ذَكَرَ الفُقَهَاءُ أَنَّهُ مَن تَأَخَّرَ فِي مِنَى ولَم يَنْفِر مِنهَا بَعدَ رَمِي ثَانِي يَومٍ مِن أَيَّامِ التَّشرِيقِ وَجَبَ عَليهِ أن يَرمِيَ عَن اليَومِ الثَّالِثِ، الذِي هُوَ رَابِعُ أَيَّامِ العِيدِ.
واتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أنَّ الرَّمِي فِي هَذا اليَومِ بَعدَ الزَّوَالِ رَميٌ فِي الوَقتِ، كَمَا رَمَى فِي اليَومَينِ قَبلَهُ، اقتِدَاءً بِفِعلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
واختَلَفُوا فِي جَوازِ تَقدِيمِهِ:
فَذَهَبَ الأئِمَّةُ الثَلاثَةُ والصَّاحِبَانِ إلى أنَّهُ لا يَصِحُّ الرَّمِي قَبلَ الزَّوَالِ استِدلَالاً بِفِعلِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وقِيَاسَاً لِرَمِي هَذا اليَومِ عَلى اليَومَينِ السَّابِقَينِ، فَكَمَا لَا يَصِحُّ الرَّمِي فِيهِمَا قَبلَ الزَّوَالِ، كَذَلِكَ لا يَصِحُّ قَبلَ زَوَالِ اليَومِ الأَخِيرِ.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الإِمَامُ أبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى، وقَال: الوَقتُ المُستَحَبُّ لِلرَّمِي فِي هَذا اليَومِ قَبلَ الزَّوَالِ، بَعدَ طُلُوعِ الفَجرِ.
قَالَ فِي الهِدَايَةِ: وَمَذْهَبُهُ، يَعنِي: (أَبُو حَنِفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى) مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ أَثَرُ التَّخْفِيفِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فِي حَقِّ التَّرْكِ فَلَأَنْ يَظْهَرَ فِي جَوَازِهِ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا أَوْلَى.
وبناء على ذلك:
فَالأَوَلى أن يَرمِيَ الحَاجُّ عَن اليَومِ الثَّالِثِ مِن أيَّامِ التَّشرِيقِ، الذِي هُوَ اليَومُ الرَّابِعُ بَعدَ الزَّوَالِ، خُرُوجَاً مِنَ الخِلَافِ بَينَ الفُقَهَاءِ، وإِن رَمَى بَعدَ الفَجرِ أَخذاً بِقَولِ الإمامِ أبي حَنيفَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ صَح. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |