طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: جَسَدُ المَرأَةِ كُلُّهُ عَورَةٌ يَجِبُ سَتْرُهُ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
ولَم يَختَلِفِ الفُقَهَاءُ في ذلكَ، إلا في الوَجْهِ والكَفَّينِ، مَعَ أنَّ الرَّاجِحَ هوَ وُجُوبُ تَغْطِيَتِهِمَا.
ثانياً: حَدَّدَ الفُقَهَاءُ الوَجْهَ، بِأَنَّهُ هوَ مَا بَينَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إلى الذَّقَنِ طُولاً، ومَا بَينَ شَحْمَتَيِ الأُذُنَينِ عَرضَاً، وقَالُوا: أَسْفَلُ الذَّقَنِ لَيسَ من الوَجْهِ.
ثالثاً: اِتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أنَّ شَعرَ المَرأَةِ من الزِّينَةِ، الذي يَجِبُ على المَرأَةِ سَتْرُهُ، لأنَّهُ من العَورَةِ إذا كَانَ مُتَّصِلاً، وعِندَ الشَّافِعِيَّةِ والحَنَفِيَّةِ هوَ من العَورَةِ فَلا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيهِ مُنفَصِلاً.
رابعاً: اِتَّفَقَ الفُقَهَاءُ كذلكَ على أنَّ الأُذُنَ في المَرأَةِ من العَورَةِ يَجِبُ سَتْرُهَا، ولا يَجُوزُ للمَرأَةِ إِبْدَاءُ أُذُنِهَا أَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْأُذُنَانِ مِن الرَّأْسِ» رواه الإمام أحمد والترمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
خامساً: عُنُقُ المَرأَةِ وصَدْرُهَا وَظَهْرُهَا من العَورَةِ التي يَجِبُ سَتْرُهَا أَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عن الْحَارِثِ بنِ الْحَارِثِ الْغَامِدِيِّ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟
قَالَ: هَؤُلاءِ الْقَوْمُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى صَابِئٍ لَهُمْ.
قَالَ: فَنَزَلْنَا فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالإِيمَانِ بِهِ، وَهُمْ يَرُدُّونَ عَلَيْهِ وَيُؤْذُونَهُ، حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ وَانْصَدَعَ عَنْهُ النَّاسُ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ قَدْ بَدَا نَحْرُهَا تَحْمِلُ قَدَحاً وَمِنْدِيلاً، فَتَنَاوَلَهُ مِنْهَا وَشَرِبَ وَتَوَضَّأَ.
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: «يَا بنيَّةُ، خَمِّرِي عَلَيْكِ نَحْرَكِ، وَلا تَخَافِي عَلَى أَبِيكِ».
قُلْنَا: مَنْ هَذِهِ؟
قَالُوا: زَيْنَبُ بنتُهُ.
وقد اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أنَّ النَّحْرَ والصَّدْرَ والظَّهْرَ في المَرأَةِ من العَورَةِ التي يَجِبُ سَتْرُهَا.
سادساً: اِتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أنَّهُ يَجِبُ على المَرأَةِ أن تَلبَسَ خِمَارَاً كَثِيفَاً، لَيسَ مُزَخرَفَاً أو مُطَرَّزَاً، روى الإمام مالك في المُوَطَّأ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى حَفْصَةَ خِمَارٌ رَقِيقٌ، فَشَقَّتْهُ عَائِشَةُ، وَكَسَتْهَا خِمَاراً كَثِيفاً. والخِمَارُ ما تُغَطِّي بِهِ المَرأَةُ رَأْسَهَا.
وبناء على ذلك:
فلا يَجُوزُ للمَرأَةِ أن تَلبَسَ هذا الخِمَارَ الذي يُسَمَّى بُونِيهِ، أو طَرحَةَ إسبانش، بِحَيثُ تُظْهِرُ الأُذُنَينِ والرَّقَبَةَ، أو شَيئَاً من صَدْرِهَا وظَهْرِهَا، لأنَّ الأُذُنَينِ والرَّقَبَةَ والصَّدْرَ والظَّهْرَ من العَورَةِ التي يَجِبُ سَتْرُهَا.
وكذلكَ هذا الخِمَارُ بِحَدِّ ذَاتِهِ هوَ من الزِّينَةِ التي يَجِبُ سَتْرُهَا، لِقَولِهِ تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾.
ويَجِبُ على المَرأَةِ المُسلِمَةِ أن تَعلَمَ أنَّ اليَهُودَ هُم مَن وَرَاءَ هذهِ الأَلبِسَةِ والثِّيَابِ الفَاضِحَةِ المُثِيرَةِ للشَّهْوَةِ، المُلفِتَةِ لأَنظَارِ الرِّجَالِ، ومَا هيَ إلا ثِيَابُ أهلِ النَّارِ ـ والعِيَاذُ باللهِ تعالى ـ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |