طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد روى ابنُ حِبَّانَ عَن عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سَيَكُونُ في آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَكُونُ حَدِيثُهُم في مَسَاجِدِهِم لَيسَ للهِ فِيهِم حَاجَةٌ».
وروى الإمام مسلم عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
قَالَ: نَعَمْ، كَثِيراً كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَو الْغَدَاةَ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ.
وروى الإمام أحمد والترمذي عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَالَسْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ، فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ، وَيَتَذَاكَرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ سَاكِتٌ، فَرُبَّمَا تَبَسَّمَ مَعَهُمْ.
وبناء على ذلك:
فإذا كَانَ الكَلامُ في المَسْجِدِ كَلامَاً مُبَاحَاً فَهُوَ مُبَاحٌ، ولكن نَنْصَحُ بِأَنْ يَكُونَ في أَضْيَقِ الحُدُودِ، أمَّا إذا كَانَ الكَلامُ بَاطِلاً أو يُشَوِّشُ على المُصَلِّينَ أو التَّالِينَ، أو يَذْهَبُ بِكَرَامَةِ المَسْجِدِ فَهُوَ المَمْنُوعُ مِنهُ شَرعَاً، وَلَمْ يَرِدْ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ أنَّ الكَلامَ في المَسْجِدِ يَأْكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الحَطَبَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |