طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد روى الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بَالَ قَائِمَاً فَلَا تُصَدِّقْهُ، مَا بَالَ رَسُولُ اللهِ قَائِمَاً مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ.
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ فِي مُسْتَحَمِّهِ، وَقَالَ: «إِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ».
وروى الحاكم عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بَالَ قَائِمَاً مِن جُرْحٍ كَانَ بِمَأْبِضِهِ ـ عِرْقٌ في بَاطِنِ الرُّكْبَةِ ـ
وذَهَبَ جُمهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ التَّبَوُّلَ للرَّجُلِ قَائِمَاً لِغَيرِ عُذْرٍ مَكْرُوهٌ، وأَمَّا إذا كَانَ بِعُذْرٍ فَلَيسَ بِمَكْرُوهٍ اتِّفَاقَاً.
وبناء على ذلك:
فالتَّبَوُّلُ للرَّجُلِ قَائِمَاً بِعُذْرٍ لا كَرَاهَةَ فِيهِ بالاتِّفَاقِ، لما وَرَدَ في صَحِيحِ الإمام مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمَاً، فَتَنَحَّيْتُ، فَقَالَ: «ادْنُهْ».
فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ، فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. السُّبَاطَةُ: المَوْضِعُ الذي يُرْمَى فِيهِ التُّرَابُ والأَوْسَاخُ.
وقَالَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ: سَبَبُ بَوْلِهِ قَائِمَاً مَا قِيلَ إِنَّ العَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشْفِي بِهِ لِوَجَعِ الصُّلْبِ، فَلَعَلَّهُ كَانَ بِهِ.
وقَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: ويَجُوزُ أن يَكُونُ فِعْلُهُ لِبَيَانِ الجَوَازِ.
أَمَّا إذا بَالَ بِغَيرِ عُذْرٍ فَيُكْرَهُ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |